مورد تواجد الاصول على الخلاف؛ للجزم بانعقاد السيرة على تنجيز الواقع بالرواية والظهور، وعدم الرجوع إلى البراءة ونحوها من الاصول العملية.
فالأمارة بحكم هذه الأخصّية والنصّية في دليل حجّيتها مقدَّمة على الأصل المخالف لها؛ وإن لم يثبت بدليل الحجّية قيامها مقام القطع الموضوعي عموماً.
6- إذا تعارض أصل سببي وأصل مسبّبي كان الأصل السببي مقدَّماً، ولهذا يجري استصحاب طهارة الماء الذي يغسل به الثوب المتنجّس ولا يعارض باستصحاب نجاسة الثوب المغسول. وقد فسِّر ذلك على أساس الحكومة؛ لأنّ استصحاب نجاسة الثوب في المثال موضوعه الشكّ في نجاسة الثوب بقاءً، واستصحاب طهارة الماء يلغي تعبّداً الشكّ في تمام آثار طهارة الماء بما فيها تطهيره للثوب، فيرتفع بالتعبّد موضوع استصحاب النجاسة، كما تقدم في الحلقة السابقة[1].
ولكن يلاحظ من ناحية: أنّ هذا البيان يتوقّف على افتراض قيام الإحراز التعبّدي بالأصل السببي مقام القطع الموضوعي، وقد مرّت المناقشة في ذلك.
ومن ناحيةٍ اخرى: أنّ التفسير المذكور غير مطّردٍ في سائر موارد تقديم الأصل السببي على المسبّبي؛ لأنّه يختصّ بما إذا كان مفاد الأصل السببي إلغاء الشكّ وجعل الطريقية، كما يدّعى في الاستصحاب، مع أنّ الأصل السببي قد لا يكون مفاده كذلك، ومع هذا يقدّم على الأصل المسبّبي حتّى ولو كان مفاده جعل الطريقية، فالماء المغسول به الثوب في المثال المذكور لو كان مورداً لأصالة الطهارة- لا لاستصحابها- لبني على تقدّمها بلا إشكالٍ على استصحاب نجاسة الثوب المغسول، مع أنّ دليل أصالة الطهارة ليس مفاده إلغاء الشكّ لتجري
[1] في تطبيقات بحث الاستصحاب، تحت عنوان: الاستصحاب في حالات الشكّ السببي والمسبّبي.