وإذا كان كلاهما بالوضع أو بقرينة الحكمة فهناك قولان: أحدهما أنّهما متكافئان فيتساقطان معاً، والآخر تقديم الشمولي على البدلي.
ويمكن أن يفسّر ذلك بعدّة أوجه:
الأول: أن يقال بأقوائية الظهور الشمولي من الظهور البدلي في إطلاقين متماثلين من حيث كونهما وضعيّين أو حكمّيين؛ وذلك لأنّ الشمولي يتكفّل أحكاماً عديدةً بنحو الانحلال، بخلاف المطلق البدلي الذي لا يتكفّل إلّاحكماً واحداً وسيع الدائرة، والاهتمام النوعي ببيان أصل حكمٍ برأسه أشدّ من الاهتمام ببيان حدوده ودائرته سعةً وضيقاً، فيكون التعهّد العرفي بعدم تخلّف بيان أصل حكمٍ عن إرادته أقوى من التعهّد العرفي بعدم تخلّف بيان سعة حكمٍ عن إرادتها، ولمّا كان تقديم البدلي يستعدي التخلّف الأول وتقديم الشمولي يستعدي التخلّف الثاني الأخفَّ محذوراً تعيّن ذلك.
الثاني: أنّ الأمر في «أكرِم فقيراً» يختصّ بالحصّة المقدورة عقلًا وشرعاً، بناءً على أنّ التكليف بالجامع بين المقدور وغير المقدور ليس معقولًا، وشمول «لا تكرم الفاسق» للفقير الفاسق يجعل إكرامه غير مقدورٍ شرعاً، فيرتفع بذلك موضوع الإطلاق البدلي ويكون الشمولي وارداً عليه.
ولكن تقدّم[1] في محلّه أنّ تعلّق التكليف بالجامع بين المقدور وغيره معقول.
الثالث: أنّ خطاب «لا تكرم الفاسق» لا يعارض في الحقيقة وجوب إكرام فقيرٍ ما الذي هو مدلول خطاب «أكرم فقيراً»، بل يعارض الترخيص في تطبيق الإكرام الواجب على إكرام الفقير الفاسق، وهذا يعني أنّ التعارض يقوم في الواقع
[1] في بحث الدليل العقلي من الجزء الأوّل للحلقة الثالثة، ضمن قاعدة استحالة التكليفبغير مقدور، تحت عنوان: الجامع بين المقدور وغيره.