الاستصحاب في الصور الثلاث، وإذا وجد له معارض سقط بالمعارضة.
وذهب بعض المحقّقين[1] إلى جريان الاستصحاب في صورتين، وهما:
صورة الجهل بالزمانين أو الجهل بزمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه، وعدم جريانه في صورة العلم بزمان الارتفاع.
وذهب صاحب الكفاية[2] إلى جريان الاستصحاب في صورة واحدةٍ، وهي صورة الجهل بزمان الارتفاع مع العلم بزمان تواجد الجزء الآخر، وأمّا في صورتَي الجهل بكلا الزمانين أو العلم بزمان الارتفاع فلا يجري الاستصحاب.
فهذه أقوال ثلاثة:
أمّا القول الأول فقد علّله أصحابه بما أشرنا اليه آنفاً من: أنّ بقاء الجزء المراد استصحابه إلى زمان تواجد الجزء الآخر مشكوك حتّى لو لم يكن هناك شكّ في بقائه إذا لوحظت قطعات الزمان بما هي، كما إذا كان زمان الارتفاع معلوماً، ويكفي في جريان الاستصحاب تحقّق الشكّ في البقاء بلحاظ الزمان النسبي؛ لأنّ الأثر الشرعي مترتّب على وجوده في زمان وجود الجزء الآخر، لا على وجوده في ساعة كذا بعنوانها.
ونلاحظ على هذا القول: أنّ زمان ارتفاع عدم الكرّية في المثال إذا كان معلوماً فلا يمكن أن يجري استصحاب عدم الكرّية إلى زمان الملاقاة؛ لأنّ الحكم الشرعي إمّا أن يكون مترتّباً على عدم الكرّية في زمان الملاقاة بما هو زمان الملاقاة، أو على عدم الكرّية في واقع زمان الملاقاة، بمعنى أنّ كلا الجزءين
[1] منهم المحقّق النائيني في فوائد الاصول 4: 508- 510.
[2] كفاية الاصول: 477- 478.