مقروناً بالعلم الإجمالي، كما في المثال المتقدم لهذا القسم، فإنّ الشكّ في الحدث الأكبر مقرون بالعلم الإجمالي بأحد الحدثين. والصحيح: جريان الاستصحاب في هذه الحالة إذا كان للجامع أثر شرعي، ويسمّى في كلماتهم بالقسم الثاني من استصحاب الكلّي.
وقد يعترض على جريان هذا الاستصحاب بوجوه:
منها: أنّه لا يقين بالحدوث، وهو اعتراض مبنيّ على إرجاع استصحاب الكلّي إلى استصحاب الحّصة، وحيث لا علم بالحصّة حدوثاً فلا يجري الاستصحاب؛ لعدم اليقين بالحدوث، بل لعدم الشكّ في البقاء، إذ لا شكّ في الحصّة بقاءً، بل إحدى الحصّتين معلومة الانتفاء والاخرى معلومة البقاء.
وقد تقدم أنّ استصحاب الكلّي ليس بمعنى استصحاب الحصّة، بل هو استصحاب للواقع بمقدار ما يرى بالعنوان الإجمالي للجامع، وهذا معلوم بالعلم الإجمالي حدوثاً.
ومنها: أنّه لا شكّ في البقاء؛ لأنّ الشكّ ينبغي أن يتعلّق بنفس ما تعلّق به اليقين، ولمَّا كان اليقين هنا علماً إجمالياً والعلم الإجمالي يتعلق بالمردّد فلابدّ أن يتعلّق الشكّ بالواقع على ترديده أيضاً، وهذا إنمّا يتواجد فيما إذا كان الواقع مشكوك البقاء على كلّ تقدير، مع أ نّه ليس كذلك؛ لأنّ الفرد القصير من الجامع لا شكّ في بقائه.
والجواب: أنّ العلم الإجمالي لا يتعلّق بالواقع المردّد، بل بالجامع وهو مشكوك، إذ يكفي في الشكّ في بقاء الجامع التردّد في كيفية حدوثه.
ومنها: أنّ الوجود القصير للكلّي لا يحتمل بقاؤه، والوجود الطويل له لا يحتمل ارتفاعه، وليس هناك في مقابلهما إلّاالمفهوم الذهني الذي لا معنى لاستصحابه.