وأمّا على الأخيرَين فلأنّ اليقين بالحالة السابقة تعبّداً لا يفيد لتنجيز الحكم الشرعي المترتب على اللازم العقلي؛ لأنّ موضوع هذا الحكم هو اللازم العقلي، اليقين التعبّدي بالمستصحَب ليس يقيناً تعبّدياً باللازم العقلي.
وعلى هذا الأساس يقال: إنّ الأصل المثبت غير معتبر، بمعنى أنّ الاستصحاب لا تثبت به اللوازم العقلية للمستصحَب، ولا الآثار الشرعية لتلك اللوازم.
نعم، إذا كان لنفس الاستصحاب لازم عقلي- كحكم العقل بالمنجّزية مثلًا- فلا شكّ في ترتّبه؛ لأنّ الاستصحاب ثابت بالدليل المحرز فتترتب عليه كلّ لوازمه الشرعية والعقلية على السواء.
هذا كلّه على تقدير عدم ثبوت أماريّة الاستصحاب، كما هو الصحيح على ما عرفت. وأمّا لو قيل بأماريّته واستظهرنا من دليل الاستصحاب أنّ اعتبار الحالة السابقة بلحاظ الكاشفية، كان حجّةً في إثبات اللوازم العقلية للمستصحَب وأحكامها أيضاً وفقاً للقانون العامّ في الأمارات على ما تقدّم سابقاً[1].
[1] عند عرض المبادئ العامّة لبحث الأدلّة المحرزة في الجزء الأوّل من الحلقة الثالثة، تحت عنوان: مقدار ما يثبت بدليل الحجّية.