اليقين به ذا اقتضاءٍ عملي، وأمّا في غير ذلك فلا يتصوّر النقض العملي لكي يشمله إطلاق دليل الاستصحاب.
وهذا البيان يتوقّف على استظهار إرادة النقض العملي من النقض بقرينة تعلّق النهي به، ولا يتمّ إذا استظهر عرفاً إرادة النقض الحقيقي مع حمل النهي على كونه إرشاداً إلى عدم إمكان ذلك بحسب عالم الاعتبار، فإنّ المولى قد ينهى عن شيءٍ إرشاداً إلى عدم القدرة عليه، كما يقال في «دَعِي الصلاةَ أيّام أقرائك».
غاية الأمر أنّ الصلاة غير مقدورةٍ للحائض حقيقةً، والنقض غير مقدورٍ للمكلف ادّعاءً واعتباراً لتعبّد الشارع ببقاء اليقين السابق.
وبناءً على هذا الاستظهار يكون مفاد الدليل جعل الطريقية، ولا يلزم في تطبيقه على موردٍ تصوير النقض العملي والاقتضاء العملي، غير أ نّه يكفي لتعيّن الصيغة الثانية في مقابل الاولى إجمال الدليل وتردّده بين الاحتمالين الموجب للاقتصار على المتيقّن منه، والمتيقّن ما تقرِّره الصيغة الثانية.
الثالثة: أنّ الاستصحاب يتقوّم بأن يكون المستصحَب حكماً شرعياً أو موضوعاً لحكمٍ شرعي، وهذه الصيغة أضيق من كلتا الصيغتين السابقتين، ومن هنا وقع الإشكال في كيفية جريان الاستصحاب على ضوء هذه الصيغة في متعلّق الأمر قيداً وجزءاً- من قبيل استصحاب الطهارة- مع أنّ قيد الواجب ليس حكماً شرعياً، ولا موضوعاً يترتّب عليه حكم شرعي؛ لأنّ الوجوب يترتّب على موضوعه، لا على متعلقه.
وقد يدفع الإشكال: بأنّ إيجاد المتعلّق مسقط للأمر فهو موضوع لعدمه، فيجرياستصحابه لاثبات عدم الأمر وسقوطه.
وهذا الدفع بحاجةٍ من ناحيةٍ إلى توسعة المقصود من الحكم بجعله شاملًا لعدم الحكم أيضاً، وبحاجةٍ من ناحيةٍ اخرى إلى التسليم بأنّ إيجاد المتعلّق مسقط