والجواب: أنّ هذا الاحتمال مخالف لظاهر الرواية؛ لظهورها في افتراض يقينٍ وشكٍّ فعلًا، وفي أنّ العمل بالشكّ نقض لليقين وطعن فيه، مع أ نّه بناءً على الاحتمال المذكور لا يكون اليقين فعلياً، ولا يكون العمل بالشكّ نقضاً لليقين، بل هو نقض لحكم العقل بوجوب تحصيله.
الثاني: أنّ تطبيق الاستصحاب على مورد الرواية متعذّر فلابدّ من تأويلها؛ وذلك لأنّ الاستصحاب ليست وظيفته إلّاإحراز مؤدّاه والتعبّد بما ثبت له من آثارٍ شرعية. وعليه فإن اريد في المقام باستصحاب عدم إتيان الرابعة التعبّد بوجوب إتيانها موصولةً- كما هو الحال في غير الشاكّ- فهذا يتطابق مع وظيفة الاستصحاب، ولكنّه باطل من الناحية الفقيهة جزماً؛ لاستقرار المذهب على وجوب الركعة المفصولة. وإن اريد بالاستصحاب المذكور التعبّد بوجوب إتيان الركعة مفصولةً فهذا يخالف وظيفة الاستصحاب؛ لأنّ وجوب الركعة المفصولة ليس من آثار عدم الإتيان بالركعة الرابعة لكي يثبت باستصحاب العدم المذكور، وإنمّا هو من آثار نفس الشكّ في إتيانها.
وقد اجيب على هذا الاعتراض بأجوبة:
منها: ما ذكره المحقّق العراقي[1] من اختيار الشقّ الأول، وحمل تطبيق الاستصحاب المقتضي للركعة الموصولة على التقية مع الحفاظ على جدّية الكبرى وواقعيتها، فأصالة الجهة والجدّ النافية للهزل والتقية تجري في الكبرى دون التطبيق.
فإن قيل: إنّ الكبرى إن كانت جدّيةً فتطبيقها صوري، وإن كانت صوريةً فتطبيقها بما لها من المضمون جدّي، فأصالة الجدّ في الكبرى تعارضها أصالة الجد
[1] مقالات الاصول 2: 352.