وحيث إنّ هذا الظنّ يزول بوجدان النجاسة بعد الصلاة على نحوٍ يحتمل سبقها كان زرارة يترقّب أن لا يكتفى بالصلاة الواقعة.
فإن تمّ هذا الردّ فهو، وإلّا ثبت تنزيل الرواية على إجراء الاستصحاب بلحاظ حال الصلاة، ويصل الكلام حينئذٍ إلى الجهة الثالثة.
الجهة الثالثة: أ نّا إذا افترضنا كون النجاسة المكشوفة معلومةَ السبق، وأنّ الاستصحاب إنّما يجري بلحاظ حال الصلاة فكيف يستند في عدم وجوب الإعادة إلى الاستصحاب، مع أ نّه حكم ظاهريّ يزول بانكشاف خلافه، ومع زواله وانقطاعه لا يمكن أن يرجع إليه في نفي الإعادة؟!
وقد اجيب على ذلك: تارةً بأنّ الاستناد إلى الاستصحاب في عدم وجوب الإعادة يصحّ إذا افترضنا ملاحظة كبرى مستترةٍ في التعليل، وهي إجزاء امتثال الحكم الظاهري عن الواقع. واخرى بأنّ الاستناد المذكور يصحّ إذا افترضنا أنّ الاستصحاب أو الطهارة الاستصحابية بنفسها تحقِّق فرداً حقيقياً من الشرط الواقعي للصلاة، بأن كان الشرط الواقعي هو الجامع بين الطهارة الواقعية والطهارة الظاهرية، إذ بناءً على ذلك تكون الصلاة واجدةً لشرطها حقيقةً.
الجهة الرابعة: أ نّه بعد الفراغ عن دلالة المقطع المذكور على الاستصحاب نقول: إنّه ظاهر في جعله على نحو القاعدة الكلّية، ولا يصحّ حمل اليقين والشكّ على اليقين بالطهارة والشكّ فيها خاصّة؛ لنفس ما تقدم من مبرِّرٍ للتعميم في الرواية السابقة، بل هو هنا أوضح؛ لوضوح الرواية في أنّ فقرة الاستصحاب وردت تعليلًا للحكم، وظهور كلمة «لا ينبغي» في الإشارة إلى مطلبٍ مركوزٍ وعقلائي. وعلى هذا فدلالة المقطع المذكور على المطلوب تامة.
المقام الثاني: في الموقع الثاني من الاستدلال، وهو قوله: «وإن لم تشكّ …» في جواب السؤال السادس.