الوجوب الاستقلالي للأقل، إذ لا أثر لهذا الاستصحاب؛ لأنّه إن اريد به إثبات وجوب الزائد بالملازمة فهو مثبت. وإن اريد به التأمين في حالة ترك الأقلّ فهو غير صحيح؛ لأنّ فرض ترك الأقلّ هو فرض المخالفة القطعية، ولا يصحّ التأمين بالأصل العملي إلّاعن المخالفة الاحتمالية.
2- الدوران بين الجزئية والمانعية:
إذا تردّد أمر شيءٍ بين كونه جزءاً من الواجب أو مانعاً عنه فمرجع ذلك إلى العلم الإجمالي بوجوب زائدٍ متعلّقٍ إمّا بالتقيّد بوجود ذلك الشيء، أو بالتقيّد بعدمه، وفي مثل ذلك يكون هذا العلم الإجمالي منجِّزاً، وتتعارض أصالة البراءة عن الجزئية مع أصالة البراءة عن المانعية، فيجب على المكلف الاحتياط بتكرار العمل مرّةً مع الإتيان بذلك الشيء، ومرّةً بدونه.
هذا فيما إذا كان في الوقت متّسع، وإلّا جازت المخالفة الاحتمالية بملاك الاضطرار، وذلك بالاقتصار على أحد الوجهين.
وقد يقال: إنّ العلم الإجمالي المذكور غير منجِّزٍ، ولا يمنع عن جريان البراءتين معاً، بناءً على بعض صيغ الركن الرابع لتنجيز العلم الإجمالي، وهي صيغة الميرزا[1] القائلة: بأنّ تعارض الاصول مرهون بأداء جريانها إلى الترخيص عملياً في المخالفة القطعية، فإنّ جريان الاصول في المقام لا يؤدّي إلى ذلك؛ لأنّ المكلف لا تمكنه المخالفة القطعية للعلم الإجمالي المذكور، إذ في حالة الإتيان بالشيء المردّد بين الجزء والمانع يحتمل الموافقة، وفي حالة تركه يحتملها أيضاً، فلا يلزم من جريان الأصلين معاً ترخيص في المخالفة القطعية.
[1] فوائد الاصول 4: 26- 27.