العلم الإجمالي فالجواب عليه: أنّ الانحلال إنّما يحصل إذا كان المعلوم التفصيلي مصداقاً للجامع المعلوم بالإجمال، كما تقدم[1]، وليس الأمر في المقام كذلك؛ لأنّ الجامع المعلوم بالإجمال هو الوجوب النفسي، والمعلوم التفصيلي وجوب الأقلّ ولو غيرياً.
وإن اريد به هدم الركن الثالث بدعوى أنّ وجوب الأقلّ منجَّز- على أيّ حالٍ- ولا تجري البراءة عنه، فتجري البراءة عن الآخر بلا معارضٍ فالجواب عليه: أنّ الوجوب الغيري لا يساهم في التنجيز، كما تقدّم في مباحث المقدمة[2].
ومنها: أنّ العلم الإجمالي المذكور منحلّ بالعلم التفصيلي بالوجوب النفسي للأقلّ؛ لأنّه واجب نفساً إمّا وحده، أو في ضمن الأكثر، وهذا المعلوم التفصيلي مصداق للجامع المعلوم بالإجمال، فينحلّ العلم الإجمالي به.
وقد يجاب على هذا الانحلال بأجوبةٍ نذكر في مايلي مُهمَّها:
الجواب الأول: أنّ الجامع المعلوم إجمالًا هو الوجوب النفسي الاستقلالي إمّا للأقلّ، أو للأكثر، وما هو معلوم بالتفصيل في الأقلّ الوجوب النفسي ولو ضمناً، فلا انحلال.
ويلاحظ: أنّ الاستقلالية معنىً منتزع من حدّ الوجوب وعدم شموله لغير ما تعلّق به، والحدّ لا يقبل التنجّز، ولا يدخل في العهدة، وإنمّا يدخل فيها ويتنجَّز ذات الوجوب المحدود، فالعلم الإجمالي بالوجوب النفسي الاستقلالي وإن لم
[1] تحت عنوان: أركان منجزيّة العلم الإجمالي، عند بيان الركن الثاني.
[2] في بحث الدليل العقلي من الجزء الأوّل من الحلقة الثالثة، تحت عنوان: خصائص الوجوب الغيري.