عمّا إذا كان المعلوم جزء الموضوع للتكليف دون جزئه الآخر، فإنّه في مثل ذلك لا علم بتكليفٍ فعليٍّ ولو في زمان. فالجامع بين تكليفٍ في هذا الآن وتكليفٍ يصبح فعلياً في آنٍ متأخِّرٍ لا يقصر- عقلًا- وصوله عن وصول الجامع بين تكليفين كلاهما في هذا الآن؛ لأنّ مولوية المولى لا تختصّ بهذا الآن، كما هو واضح.
وأمّا الركن الثالث بصيغته الاولى فلأنّ الأصل المؤمِّن الذي يراد إجراؤه عن الطرف الفعلي يعارض[1] بالأصل الجاري في الطرف الآخر المتأخِّر في ظرفه، إذ ليس التعارض بين أصلين من قبيل التضادِّ بين لونَين يشترط في حصوله وحدة الزمان، بل مردّه إلى العلم بعدم إمكان شمول دليل الأصل لكلٍّ من الطرفين بالنحو المناسب له من الشمول زماناً، وحيث لا مرجِّح للأخذ بدليل الأصل في طرفٍ دون طرفٍ فيتعارض الأصلان.
وأمّا الصيغة الثانية للركن الثالث فلأنّ المقصود من كون العلم الإجمالي صالحاً لمنجِّزية معلومه على كلّ تقديرٍ: كونه صالحاً لذلك ولو على امتداد الزمان، لا في خصوص هذا الآن.
وهكذا يتّضح أنّ الشبهات التي حامت حول تنجيز العلم الإجمالي في التدريجيّات موهونة جدّاً، غير أنّ جماعةً من الاصوليّين وقعوا تحت تأثيرها.
فذهب بعضهم[2] إلى عدم التنجيز ورخّص في ارتكاب الطرف الفعلي ما دام الطرف الآخر متأخِّراً.
[1] كلمة( يعارض) ساقطة في الطبعة الاولى، ولكنّها موجودة في النسخة الخطيّة الواصلةإلينا.
[2] منهم الشيخ الأنصاري في فرائد الاصول 2: 248- 249.