تكوّن الاطمئنان بعدم الانطباق.
وأمّا الاستشكال الآخر فيتّجه- بعد التسليم بوجود الاطمئنان المذكور- إلى أنّ هذا الاطمئنان بعدم الانطباق لمَّا كان موجوداً في كلّ طرفٍ فالاطمئنانات معارضة في الحجّية والمعذّرية؛ للعلم الاجمالي بأنّ بعضها كاذب، والتعارض يؤدّي الى سقوط الحجّية عن جميع تلك الاطمئنانات.
والجواب على ذلك: أنّ العلم الإجمالي بكذب بعض الأمارات إنمّا يؤدّي إلى تعارضها وسقوطها عن الحجّية لأحد سببين:
الأول: أن يحصل بسبب ذلك تكاذب بين نفس الأمارات، فيدلّ كلّ واحدةٍ منها بالالتزام على وجود الكذب في الباقي، ولا يمكن التعبّد بحجّية المتكاذبَين.
الثاني: أن تؤدّي حجّية تلك الأمارات- والحالة هذه- إلى الترخيص في المخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالإجمال.
وكلا السببين غير متوفّرٍ في المقام.
أمّا الأول فلأنّ كلّ اطمئنانٍ لا يوجد ما يكذِّبه بالدلالة الالتزامية؛ لأنّنا إذا أخذنا أيَّ اطمئنانٍ آخر معه لم نجد من المستحيل أن يكونا معاً صادقَين، فلماذا يتكاذبان؟ وإذا أخذنا مجموعة الاطمئنانات الاخرى لم نجد تكاذباً أيضاً؛ لأنّ هذه المجموعة لا تؤدّي إلى الاطمئنان بمجموع متعلقاتها، أي الاطمئنان بعدم الانطباق على سائر الأطراف المساوق للاطمئنان بالانطباق على غيرها؛ وذلك لِمَا برهنَّا عليه من أنّ كلّ اطمئنانين لا يتضمّنان الاطمئنان بالقضية الشرطية لا يؤدّي اجتماعهما إلى الاطمئنان بالمجموع، والاطمئنانات الناشئة من حساب الاحتمال هنا من هذا القبيل، كما عرفت.
وأمّا الثاني فلأنّ الترخيص في المخالفة القطعية إنّما يلزم لو كان دليل حجّية