تنجيزه، وقد تقدّم شرحها في الحلقة السابقة[1]؛ وذلك لأنّ جملةً من أطرافه قد تنجّزت فيها التكاليف بالأمارات والحجج الشرعية المعتبرة من ظهور آيةٍ وخبر ثقةٍ واستصحابٍ مثبتٍ للتكليف، وفي كلّ حالة من هذا القبيل تجري البراءة في بقية الأطراف، ويسمّى ذلك بالانحلال الحكمي، كما تقدّم.
وقد قيل في تقريب فكرة الانحلال الحكمي في المقام- كما عن السيّد الاستاذ[2]– بأنّ العلم الإجمالي متقوّم بالعلم بالجامع والشكّ في كلّ طرف، ودليل حجّية الأمارة المثبتة للتكليف في بعض الأطراف لمّا كان مفاده جعل الطريقية فهو يلغي الشكّ في ذلك الطرف ويتعبّد بعدمه، وهذا بنفسه إلغاء تعبّديّ للعلم الإجمالي.
ويرد على هذا التقريب: أنّ الملاك في وجوب الموافقة القطعية للعلم الإجمالي هو التعارض بين الاصول في أطرافه، كما تقدم[3]، وليس هو العلم الإجمالي بعنوانه، فلا أثر للتعبّد بإلغاء هذا العنوان، وإنّما يكون تأثيره عن طريق رفع التعارض، وذلك بإخراج موارد الأمارات المثبتة للتكليف عن كونها مورداً لأصالة البراءة؛ لأنّ الأمارة حاكمة على الأصل، فتبقى الموارد الاخرى مجرىً لأصل البراءة بدون معارض، وبذلك يختلّ الركن الثالث ويتحقّق الانحلال الحكمي، من دون فرقٍ بين أن نقول بمسلك جعل الطريقية وإلغاء الشكّ بدليل الحجّية، أوْ لا.
[1] في بحث العلم الإجمالي من أبحاث الاصول العمليّة تحت عنوان: تحديد أركان هذهالقاعدة.
[2] مصباح الاصول 2: 306- 307.
[3] في بحث العلم الإجمالي من أبحاث الاصول العمليّة من الحلقة الثانية، تحت عنوان: تحديد أركان هذه القاعدة.