المضطرّ إليه لإبطاله؛ لأنّ إبطاله يعني إيقاع المضطرّ في المحذور، وهو خلاف الامتنان، بخلاف تطبيقه على البيع المكره عليه فإنّ إبطاله يعني تعجيز المكرِه عن التوصّل إلى غرضه بالإكراه.
المرحلة الثانية: في فقرة الاستدلال، وهي: «رفع مالا يعلمون» وكيفية الاستدلال بها.
وتوضيح الحال في ذلك: أنّ الرفع هنا إمّا واقعي، وإمّا ظاهري، وقد يقال: إنّ الاستدلال على المطلوب تامّ على التقديرين؛ لأنّ المطلوب إثبات إطلاق العنان وإيجاد معارضٍ لدليل وجوب الاحتياط لو تمَّ، وكلا الأمرين يحصل بإثبات الرفع الواقعي أيضاً، كما يحصل بالظاهري.
ولكنّ الصحيح: عدم اطّراد المطلوب على تقدير حمل الرفع على الواقعي، إذ كثيراً ما يتّفق العلم أو قيام دليلٍ على عدم اختصاص التكليف المشكوك- على تقدير ثبوته- بالعالم، ففي مثل ذلك يجب الالتزام بتخصيص حديث الرفع مع الحمل على الواقعية، خلافاً لِمَا إذا حمل على الرفع الظاهري.
نعم، يكفي للمطلوب عدم ظهور الحديث في الرفع الواقعي، إذ حتّى مع الإجمال يصحّ الرجوع إلى حديث الرفع في الفرض المذكور؛ لعدم إحراز وجود المعارض أو المخصِّص لحديث الرفع حينئذٍ.
وعلى أيّ حالٍ فقد يقال: إنّ ظاهر الرفع كونه واقعياً؛ لأنّ الحمل على الظاهري يحتاج إلى عنايةٍ: إمّا بجعل المرفوع وجوب الاحتياط تجاه مالا يعلم- لا نفسه- وهو خلاف الظاهر جدّاً. وإمّا بتطعيم الظاهرية في نفس الرفع، بأن يفترض أنّ التكليف له وضعان ورفعان: واقعي، وظاهري، فوجوب الاحتياط وضع ظاهريّ للتكليف الواقعي، ونفي هذا الوجوب رفع ظاهريّ له. وكلّ ذلك عناية، فيتعيّن الحمل على الرفع الواقعي.
والجواب على ذلك بوجهين: