وجودها في عالم التشريع بالنحو المناسب من الوجود لموضوع الحكم ومتعلّقه في هذا العالم، فشرب الخمر المضطرّ اليه يرفع وجوده التشريعي بما هو متعلَّق للحرمة، وروح ذلك رفع الحكم.
وإمّا بصبِّ الرفع على نفس الأشياء المذكورة بوجوداتها التكوينية، ولكن يفترض أنّ الرفع تنزيلي وليس حقيقياً، فالشرب المذكور نُزِّل منزلة العدم خارجاً، فلا حرمة ولا حدّ.
ولا شكّ في أنّ دليل الرفع على الاحتمالات الثلاثة جميعاً يعتبر حاكماً على أدلّة الأحكام الأوّلية باعتبار نظره اليها، وهذا النظر: إمّا أن يكون إلى جانب الموضوع من تلك الأدلّة، كما هو الحال على الاحتمال الثالث، فيكون على وزان «لا ربا بين الوالد وولده».
أو يكون إلى جانب المحمول- أي الحكم- مباشرة، كما هو الحال على الاحتمال الأول إذا قدّرنا الحكم، فيكون على وزان «لا ضرر».
أو يكون إلى جانب المحمول ولكن منظوراً إليه بنظرٍ عنائي، كما هو الحال على الاحتمال الثاني؛ لأنّ النظر فيه إلى الثبوت التشريعي للموضوع، وهو عين الثبوت التشريعي للحكم، فيكون على وزان «لا رهبانية في الإسلام»[1].
والظاهر أنّ أبعد الاحتمالات الثلاثة الاحتمال الأول؛ لأنّه منفيّ بأصالة عدم التقدير.
فإن قيل: كما أنّ التقدير عناية كذلك توجيه الرفع إلى الوجود التشريعي مثلًا.
كان الجواب: أنّ هذه عناية يقتضيها نفس ظهور حال الشارع في أنّ الرفع
[1] بحار الأنوار 68: 319، عن نهاية ابن الأثير 2: 280.