باعتباره فعلًا بالواسطة للمكلف وأثراً تسبيبيّاً له- فقد يقال بأنّ ذلك يقتضي البطلان لوجهين:
الأول: أنّ هذا التحريم يعني مبغوضية المسبّب، أي التمليك بعوضٍ في مورد البيع مثلًا، ومن الواضح أنّ الشارع إذا كان يبغض أن تنتقل ملكية السلعة للمشتري فلا يعقل أن يحكم بذلك، وعدم الحكم بذلك عبارة اخرى عن البطلان.
والجواب: أنّ تملّك المشتري للسلعة يتوقّف على أمرين:
أحدهما: إيجاد المتعاملين للسبب، وهو العقد.
والآخر: جعل الشارع للمضمون. وقد يكون غرض المولى متعلقاً بإعدام المسبّب من ناحية الأمر الأول خاصّة، لا بإعدامه من ناحية الأمر الثاني، فلا مانع من أن يحرِّم المسبّب على المتعاملين ويجعل بنفسه المضمون على تقدير تحقّق السبب.
الثاني: ما ذكره المحقق النائيني[1] من أنّ هذا التحريم يساوق الحَجْر على المالك وسلب سلطنته على نقل المال، فيصبح حاله حال الصغير، ومع الحجر لا تصحّ المعاملة.
والجواب: أنّ الحَجْر على شخصٍ له معنيان:
أحدهما: الحَجْر الوضعي، بمعنى الحكم بعدم نفوذ معاملاته.
والآخر: الحَجْر التكليفي، بمعنى منعه؛ فإن اريد أنّ التحريم يساوق الحَجْر بالمعنى الأول فهو أول الكلام. وإن اريد أ نّه يساوقه بالمعنى الثاني فهو مسلَّم.
ولكنْ مَن قال: إنّ هذا يستتبع الحَجْر الوضعي؟ فالظاهر أنّ تحريم المسبّب لا يقتضي البطلان، بل قد يقتضي الصحّة، كما أشرنا في حلقةٍ سابقة[2].
[1] فوائد الاصول 1: 472.
[2] الحلقة الثانية، ضمن بحوث الدليل العقلي، تحت عنوان: اقتضاء الحرمة للبطلان.