سبباً في حدوث ملاكٍ في موردها.
ويرد على ذلك:
أولًا: أنّ الأحكام الظاهريّة- على ما تقدم[1]– أحكام طريقية لم تنشأ من مصالح وملاكاتٍ في متعلقاتها، بل من نفس ملاكات الأحكام الواقعية. وقد مرّ دفع محذور استلزام الأحكام الظاهرية لتفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة.
ولو كانت الأحكام الظاهرية ناشئةً من مصالح وملاكاتٍ- على ما ادّعي- للزم التصويب، إذ بعد فرض وفاء الوظيفة الظاهرية بنفس ملاك الواجب الواقعي يستحيل أن يبقى الوجوب الواقعي مختصّاً بمتعلقه الأول، بل ينقلب لا محالة ويتعلق بالجامع بين الأمرين، وهذا نحو من التصويب.
وثانياً: إذا سلّمنا أنّ ما يفوت على المكلّف بسبب الحجّة الظاهرية من مصالح لابدّ أن تضمن الحجّة تداركه، إلّاأنّ هذا لا يقتضي افتراض مصلحةٍ إلّا بقدر ما يفوت بسببها، فإذا فرضنا انكشاف الخلاف في أثناء الوقت لم يكن ما فات بسبب الحجّة إلّافضيلة الصلاة في أول وقتها- مثلًا- لا أصل ملاك الواقع، لإمكان استيفائه معها، وهذا يعني أنّ المصلحة المستكشفة من قبل الأمر الظاهري إنّما هي في سلوك الأمارة والتعبّد العملي بها بالنحو الذي يجبر ما يخسره المكلف بهذا السلوك، وليست قائمةً بالمتعلق وبالوظيفة الظاهرية بذاتها، فاذا انقطع التعبّد في أثناء الوقت بانكشاف الخلاف انتهى أمد المصلحة. وهذا ما يسمّى بالمصلحة السلوكية، وعليه فلا موجب للإجزاء عقلًا.
نعم، يبقى إمكان دعوى الإجزاء بتوهّم حكومة بعض أدلّة الحجّية على
[1] في هذه الحلقة، عند البحث عن الحكم الشرعي وتقسيماته، تحت عنوان: وظيفةالأحكام الظاهريّة.