بمعنى أن لا يكون مشغولًا بامتثال الأمر بالضدّ؟
والأول يعني أنّ كلّ مكلّفٍ بأحد الضدّين لا يكون مأموراً بضدّه، سواء كان بصدد امتثال ذلك التكليف أوْ لا.
والثاني يعني سقوط الأمر بالصلاة عمّن كلِّف بالإنقاذ، لكن لا بمجرّد التكليف، بل باشتغاله بامتثاله، فمع بنائه على العصيان وعدم الإنقاذ يتوجّه إليه الأمر بالصلاة، وهذا ما يسمّى بثبوت الأمرين بالضدّين على نحو الترتّب.
وقد ذهب صاحب الكفاية رحمه الله إلى الأول[1] مدّعياً استحالة الوجه الثاني؛ لأ نّه يستلزم في حالة كون المكلّف بصدد عصيان التكليف بالإنقاذ أن يكون كلا التكليفين فعلياً بالنسبة إليه. أمّا التكليف بالإنقاذ فواضح؛ لأنّ مجرّد كونه بصدد عصيانه لا يعني سقوطه، وأمّا الأمر بالصلاة فلأنّ قيده محقّق بكلا جزءيه؛ لتوفّر القدرة التكوينية، وعدم الابتلاء بالضدّ بالمعنى الذي يفترضه الوجه الثاني، وفعلية الأمر بالضدين معاً مستحيلة، فلابدّ إذن من الالتزام بالوجه الأوّل فيكون التكليف بأحد الضدّين بنفس ثبوته نافياً للتكليف بالضدّ الآخر.
وذهب المحقّق النائينيّ رحمه الله إلى الثاني[2]، وهذا هو الصحيح وتوضيحه ضمن النقاط الثلاث التالية:
النقطة الاولى: أنّ الأمرين بالضدين ليسا متضادّين بلحاظ عالم المبادئ، إذ لا محذور في افتراض مصلحةٍ ملزمةٍ في كلٍّ منهما وشوقٍ أكيدٍ لهما معاً، ولا بلحاظ عالم الجعل، كما هو واضح، وإنّما ينشأ التضادّ بينهما بلحاظ التنافي، والتزاحم بينهما في عالم الامتثال؛ لأنّ كلًاّ منهما بقدر ما يحرّك نحو امتثال نفسه
[1] كفاية الاصول: 166- 167.
[2] فوائد الاصول 1: 336.