لم يقله، كصحيحة هشام بن سالم، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «من سمع شيئاً من الثواب على شيءٍ فصنعه كان له أجره وإن لم يكن على ما بلغه»[1].
بدعوى أنّ هذه الروايات تجعل الحجِّية لمطلق البلوغ في موارد المستحبّات.
والتحقيق: أنّ هذه الروايات فيها- بدواً- أربعة احتمالات:
الأول: أن تكون في مقام جعل الحجِّية لمطلق البلوغ.
الثاني: أن تكون في مقام إنشاء استحبابٍ واقعيٍّ نفسيٍّ على طبق البلوغ بوصفه عنواناً ثانوياً.
الثالث: أن تكون إرشاداً إلى حكم العقل بحسن الاحتياط واستحقاق المحتاط للثواب.
الرابع: أن تكون وعداً مولوياً لمصلحةٍ في نفس الوعد، ولو كانت هذه المصلحة هي الترغيب في الاحتياط باعتبار حسنه عقلًا.
والفارق بين هذه الاحتمالات الأربعة من الناحية النظرية واضح، فالاحتمال الثالث يختلف عن الباقي في عدم تضمّنه إعمال المولوية بوجه، والاحتمالان الأخيران يختلفان عن الأوّلَين في عدم تضمّنهما جعل الحكم، ويختلف الأول عن الثاني- مع اشتراكهما في جعل الحكم- في أنّ الحكم المجعول على الأول ظاهري، وعلى الثاني واقعي.
وأمّا الأثر العمليّ لهذه الاحتمالات فهو واضح أيضاً، إذ لا يبرِّر الاحتمالان الأخيران الإفتاء بالاستحباب، بينما يبرِّر الاحتمالان الأوّلَان ذلك.
[1] وسائل الشيعة 1: 82، الباب 18 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 6.