بمعنى كونه منجِّزاً إذا أنبأ عن التكليف، ومعذِّراً إذا أنبأ عن الترخيص.
وثانياً: لأنّ العمل بأخبار الثقات على أساس العلم الإجماليّ إنّما هو من أجل الاحتياط للتكاليف المعلومة بالإجمال. ومن الواضح أنّ الاحتياط لا يسوِّغ أن يجعل خبر الثقة مخصِّصاً لعامٍّ أو مقيِّداً لمطلقٍ في دليلٍ قطعيِّ الصدور، فإنّ التخصيص والتقييد معناه رفع اليد عن عموم العام، أو إطلاق المطلق في دليلٍ قطعيِّ الصدور ومعلوم الحجّية.
ومن الواضح أ نّه لا يجوز رفع اليد عمّا هو معلوم الحجّية إلّابحجّيةٍ اخرى تخصيصاً أو تقييداً، فما لم تثبت حجّية خبر الثقة لا يمكن التخصيص بها أو التقييد. فإذا ورد مطلق قطعيّ الصدور يدلّ على الترخيص في اللحوم مثلًا، وورد خبر ثقةٍ على حرمة لحم الأرنب لم يكن بالإمكان الالتزام بتقييد ذلك المطلق بهذا الخبر مالم تثبت حجّيته بدليلٍ شرعي.
اللهمّ إلّاأن يقال: إنّ مجموعة العمومات والمطلقات الترخيصية في الأدلّة القطعية الصدور يعلم إجمالًا بطروّ التخصيص والتقييد عليها، فإذا لم تثبت حجّية خبر الثقة بدليلٍ خاصٍّ فسوف لن نستطيع أن نعيِّن مواطن التخصيص والتقييد، وهذا يجعلنا لا نعمل بها جميعاً؛ تنفيذاً لقانون تنجيز العلم الإجمالي. وبهذا ننتهي إلى طرح إطلاق ما دلّ على حلّية اللحوم في المثال، والتقيّد احتياطاً بما دلّ على حرمة لحم الأرنب مثلًا. وهذه نتيجة مشابهة للنتيجة التي ينتهى اليها عن طريق التخصيص والتقييد.
ب- الشكل الثاني للدليل العقلي: ما يسمّى بدليل الانسداد، وهو- لو تمّ- يثبت حجّية الظنّ بدون اختصاصٍ بالظنّ الناشئ من الخبر، فيكون دليلًا على حجّية مطلق الأمارات الظنّية، بما في ذلك أخبار الثقات، وقد بُيِّن ضمن مقدمات: