الشخصيَّ بصدور بعض هذه الروايات لمزايا في رجال سندها، ونحو ذلك.
والطريق الآخر لإثبات السنّة هو السيرة، وذلك بتقريبين:
الأول: الاستدلال بسيرة المتشرِّعة من أصحاب الأئمّة على العمل بأخبار الثقات، وقد تقدّم في الحلقة السابقة[1] بيان الطريق لإثبات هذه السيرة، كما تقدّم كيفية استكشاف الدليل الشرعيّ عن طريق السيرة، سواء كانت سيرة اولئك المتشرِّعة على ما ذكرناه بوصفهم الشرعي، أو بما هم عقلاء.
الثاني: الاستدلال بسيرة العقلاء على التعويل على أخبار الثقات، وذلك أنّ شأن العقلاء- سواء في مجال أغراضهم الشخصية التكوينية، أو في مجال الأغراض التشريعية وعلاقات الآمرين بالمأمورين- العمل بخبر الثقة والاعتماد عليه، وهذا الشأن العامّ للعقلاء يوجب قريحةً وعادةً لو تُرك العقلاء على سجيّتهم لأعملوها في علاقاتهم مع الشارع، ولعوَّلوا على أخبار الثقات في تعيين أحكامه. وفي حالةٍ من هذا القبيل لو أنّ الشارع كان لا يقرّ حجّية خبر الثقة لتعيَّن عليه الردع عنها حفاظاً على غرضه، فعدم الردع حينئذٍ معناه التقرير ومؤدّاه الإمضاء.
والفارق بين التقريبين: أنّ التقريب الأول يتكفّل مؤونة إثبات جري أصحاب الأئمة فعلًا على العمل بخبر الثقة، بينما التقريب الثاني لا يدّعي ذلك، بل يكتفي بإثبات المَيل العقلائيِّ العامِّ إلى العمل بخبر الثقة، الأمر الذي يفرض على الشارع الردع عنه- على فرض عدم الحجّية- لئلّا يتسرّب هذا المَيل إلى مجال الشرعيات.
وهناك اعتراض يواجه الاستدلال بالسيرة، وهو: أنّ السيرة مردوع عنها
[1] في بحث وسائل الإثبات التعبّدي، عند بيان التمسّك بالسنّة لإثبات حجّية خبر الواحد.