الطائفة السابعة: ما دلّ على ذمّ من يطرح ما يسمعه من حديثٍ بمجرّد عدم قبول طبعه له، من قبيل قوله عليه السلام: «وأسوأهم عندي حالًا وأمقتهم الذي يسمع الحديث يُنسب الينا ويروى عنا فلم يقبله، اشمئزَّ منه وجحده، وكفَّر من دان به، وهو لا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج، وإلينا اسند»[1].
إذ قد يقال: لولا حجّية الخبر لمَا استحقّ الطارح هذا الذمّ.
والجواب: أ نّه استحقّه على الاعتماد على الذوق والرأي في طرح الرواية بدون تتبّعٍ وإعمالٍ للموازين، وعلى التسرّع بالنفي والإنكار، مع أنّ مجرّد عدم الحجّية لا يسوِّغ الإنكار والتكفير.
الطائفة الثامنة: ما ورد في الخبرين المتعارضين من الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامّة، فلولا أنّ خبر الواحد حجّة لمَا كان هناك معنىً لفرض التعارض بين الخبرين وإعمال المرجّحات بينهما.
ونلاحظ: أنّ دليل الترجيح هذا يناسب الحديثين القطعيين صدوراً إذا تعارضا، فلا يتوقّف تعقّله على افتراض الحجّية التعبّدية.
الطائفة التاسعة: ما ورد في الخبرين المتعارضين من الترجيح بالأوثقيّة[2] ونحوها من الصفات الدخيلة في زيادة قيمة الخبر وقوّة الظنّ بصدوره، وتقريب الاستدلال كما تقدّم في الطائفة السابقة.
ولا يمكن هنا حمل هذا الدليل على الحديثين القطعيّين؛ لأنّ الأوثقيّة لا أثر لها فيهما ما دام كلّ منهما مقطوع الصدور.
[1] وسائل الشيعة 27: 87، الباب 8 من أبواب صفات القاضي، الحديث 39.
[2] وسائل الشيعة 27: 106، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث الأوّل، و مستدرك الوسائل 17: 303، الحديث 2.