تجعل عند الشكّ في المطابقة.
الطائفة الثانية: ما تضمّن الحثّ على تحمّل الحديث وحفظه، من قبيل قول النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: «من حفظ على امّتي أربعين حديثاً بعثه اللَّه فقيهاً عالماً يوم القيامة»[1].
وهذا لايدلّ على الحجّية أيضاً، إذ لا شكّ في أنّ تحمّل الحديث وحفظه من أهمّ المستحبّات، بل من الواجبات الكفائية؛ لتوقّف حفظ الشريعة عليه، ولا يلزم من ذلك وجوب القبول تعبّداً مع الشكّ.
ومثل ذلك ما دلّ على الثناء على المحدّثين، أو الأمر بحفظ الكتب، والترغيب في الكتابة[2].
الطائفة الثالثة: ما دلّ على الأمر بنقل بعض النكات والمضامين، من قبيل قول أبي عبداللَّه عليه السلام: «يا أبان، إذا قدمت الكوفة فاروِ هذا الحديث …»[3].
والصحيح: أنّ الأمر بالنقل يكفي في وجاهته احتمال تمامية الحجّة بذلك بحصول الوثوق لدى السامعين، ولا يتوقّف على افتراض الحجّية التعبّدية.
الطائفة الرابعة: ما دلّ على أنّ انتفاع السامع بالرواية قد يكون أكثر من انتفاع الراوي، من قبيل قولهم: «فربَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه»[4].
ونلاحظ: أنّ هذه الطائفة ليست في مقام بيان أنّ النقل يثبت المنقول للسامع تعبّداً، وإلّا لكان الناقل دائماً من هذه الناحية أفضل حالًا من السامع؛ لأن
[1] وسائل الشيعة 27: 99، الباب 8 من أبواب صفات القاضي، الحديث 72.
[2] وسائل الشيعة 27: 81- 82، الباب 8 من أبواب صفات القاضي، الأحاديث 15 و 16 و 17 و 18 و 19 و 20 و 21.
[3] الكافي 2: 520، باب من قال:« لا إله إلّااللَّه مخلصاً»، الحديث الأوّل.
[4] وسائل الشيعة 27: 89، الباب 8 من أبواب صفات القاضي، الحديث 43.