التبيّن بهذا المعنى؛ لأنّ موضوعيّته لهذا الوجوب مرجعها إلى عدم موضوعيّته للحجّية.
ومنها: آية النفر، وهي قوله سبحانه وتعالى: «فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»[1].
وتقريب الاستدلال بها يتمّ من خلال الامور التالية:
أوّلًا: أ نّها تدلّ على وجوب التحذّر لوجوه:
أحدها: أ نّه وقع مدخولًا لأداة الترجّي الدالّة على المطلوبية في مثل المقام، ومطلوبية التحذّر مساوقة لوجوبه؛ لأنّ الحذر إن كان له مبرِّر فهو واجب، وإلّا لم يكن مطلوباً.
ثانيها: أنّ التحذّر وقع غايةً للنفر الواجب، وغاية الواجب واجبة.
ثالثها: أ نّه بدون افتراض وجوب التحذّر يصبح الأمر بالنفر والإنذار لغواً.
ثانياً: أنّ التحذّر واجب مطلقاً، سواء أفاد الإنذار العلم للسامع أوْ لا؛ لأنّ الوجوه المتقدّمة لإفادته تقتضي ثبوته كذلك.
ثالثاً: أنّ وجوب التحذّر حتى مع عدم حصول العلم لدى السامع مساوق للحجّية شرعاً، إذ لو لم يكن إخبار المنذر حجّةً شرعاً لمَا وجب العمل به إلّافي حال حصول العلم منه.
وقد يناقش في الأمر الأول بوجوهه الثلاثة، وذلك بالاعتراض على أوّل تلك الوجوه: بأنّ الأداة مفادها وقوع مدخولها موقع الترقّب لا الترجّي، ولذا قد يكون مدخولها مرغوباً عنه، كما في قوله: «لعلّك عن بابك طردتني».
والاعتراض على ثاني تلك الوجوه: بأنّ غاية الواجب ليست دائماً واجبة،
[1] التوبة: 122.