إلى تقسيم الملزوم لا الملازمة، فإنّ الملزوم إذا كان ذات الشيء مهما كانت ظروفه وأحواله سمّيت الملازمة (عقلية)، كالملازمة بين النار والحرارة. وإذا كان الملزوم الشيء المنوط بظروفٍ متواجدةٍ فيه غالباً وعادةً سمّيت الملازمة (عادية). وإذا كان الملزوم الشيء المنوط بظروفٍ قد يتّفق وجودها فالملازمة (اتّفاقية).
والصحيح: أ نّه لا ملازمة بين التواتر وثبوت القضية فضلًا عن الإجماع، وهذا لا ينفي أ نّنا نعلم بالقضية القائلة: (كلّ قضيةٍ ثبت تواترها فهي ثابتة)؛ لأنّ العلم بأنّ المحمول لا ينفكّ عن الموضوع غير العلم بأ نّه لا يمكن أن ينفكّ عنه، والتلازم يعني الثاني، وما نعلمه هو الأول على أساس تراكم القيم الاحتمالية وزوال الاحتمال المخالف لضآلته، لا لقيام برهانٍ على امتناع محتمله عقلًا.
فالصحيح: ربط كشف الإجماع بنفس التراكم المذكور وفقاً لحساب الاحتمال، كما هو الحال في التواتر على فوارق بين مفردات الإجماع بوصفها أخباراً حدسيّة، ومفردات التواتر بوصفها أخباراً حسّية، وقد تقدّم البحث عن هذه الفوارق في الحلقة السابقة[1].
وتقوم الفكرة في تفسير كشف الإجماع بحساب الاحتمال على أنّ الفقيه لا يفتي بدون اعتقادٍ للدليل الشرعيّ عادةً، فإذا أفتى فهذا يعني اعتقاده للدليل الشرعي، وهذا الاعتقاد يحتمل فيه الإصابة والخطأ معاً، وبقدر احتمال الإصابة يشكِّل قرينةً احتماليةً لصالح إثبات الدليل الشرعي، وبتراكم الفتاوى تتجمّع القرائن الاحتمالية لإثبات الدليل الشرعيِّ بدرجةٍ كبيرةٍ تتحوّل بالتالي إلى يقينٍ لتضاؤل احتمال الخلاف.
[1] في بحث وسائل الإثبات الوجداني، تحت عنوان: الإجماع.