الجزاء، واخرى يكون محقِّقاً لوجوده.
فالأول كما في قولنا: (إذا جاء زيد فأكرمه)، فإنّ موضوع الحكم زيد، والشرط المجيء، وهما متغايران.
والثاني كما في قولنا: (إذا رُزِقت ولداً فاختنه)، فإنّ موضوع الحكم بالختان هو الولد، والشرط أن تُرزَق ولداً، وهذا الشرط ليس مغايراً للموضوع، بل هو عبارة اخرى عن تحقّقه ووجوده.
ومفهوم الشرط ثابت في الأول، فكلّما كان الشرط مغايراً للموضوع وانتفى الشرط دلّت الجملة الشرطية على انتفاء الحكم عن موضوعه بسبب انتفاء الشرط.
وأمّا حالات الشرط المحقّق للموضوع فهي [على] قسمين:
أحدهما: أن يكون الشرط المحقِّق لوجود الموضوع هو الاسلوب الوحيد لتحقيق الموضوع، كما في مثال الختان المتقدم.
والآخر: أن يكون الشرط أحد أساليب تحقيقه، كما في (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)، فإنّ مجيء الفاسق بالنبأ عبارة اخرى عن إيجاد النبأ، ولكنّه ليس هو الاسلوب الوحيد لإيجاده؛ لأنّ النبأ كما يوجِده الفاسق يوجِده العادل أيضاً.
ففي القسم الأول لا يثبت مفهوم الشرط؛ لأنّ مفهوم الشرط من نتائج ربط الحكم بالشرط وتقييده به على وجهٍ مخصوص، فاذا كان الشرط عين الموضوع ومساوياً له فليس هناك في الحقيقة ربط للحكم بالشرط وراء ربطه بموضوعه، فقولنا: (إذا رزقت ولداً فاختنه) في قوّة قولنا: (اختن ولدك).
وأمّا في القسم الثاني فيثبت المفهوم؛ لأنّ ربط الحكم بالشرط فيه أمر وراء ربطه بموضوعه، فهو تقييد وتعليق حقيقي. وليس قولنا: (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) في قوة قولنا: (تبيّنوا النبأ)؛ لأنّ القول الثاني لا يختصّ بنبأ الفاسق، بينما