الشرط في الكلام الكاشف عن التفريع الثبوتيّ والواقعي؛ وذلك لأنّ التفريع الثبوتيّ لا ينحصر في العلّيّة، بدليل أنّ التفريع بالفاء كما يصحّ بين العلّة والمعلول كذلك بين الجزء والكلّ، والمتقدّم زماناً والمتأخّر كذلك، فلا معيِّن لاستفادة العلّية من التفريع.
ثالثاً: إذا سلّمنا استفادة علّية الشرط للجزاء من التفريع نقول: إِنّ كون الشرط علّةً تامّةً للجزاء لا يقتضيه مجرّد تفريع الجزاء على الشرط؛ لأنّ التفريع يناسب مع كون المفرَّع عليه جزءَ العلّة، وإِنّما يثبت بالإطلاق؛ لأنّ مقتضى إطلاق ترتّب الجزاء على الشرط أ نّه يترتّب عليه في جميع الحالات، مع أ نّه لو كان الشرط جزءاً من العلّة التامة لاختصّ ترتّب الجزاء على الشرط بحالة وجود الجزء الآخر، فإطلاق ترتّب الجزاء على الشرط في جميع الحالات ينفي كون الشرط جزءَ العلّة، إلّاأ نّه إنّما ينفي النقصان الذاتيّ للشرط (والنقصان الذاتي معناه كونه بطبيعته محتاجاً في إيجاد الجزاء إلى شيءٍ آخر)، ولا ينفي النقصان العرضي الناشئ من اجتماع علّتين مستقلّتين على معلولٍ واحد (حيث إنَّ هذا الاجتماع يؤدّي إلى صيرورة كلٍّ منهما جزءَ العلّة)؛ لأنّ هذا النقصان العرضيّ لا يضرّ بإطلاق ترتّب الجزاء على الشرط.
الرابع: ويفترض فيه أ نّا استفدنا العلّيّة على أساسٍ سابق، فيقال في كيفية استفادة الانحصار: إنّه لو كانت هناك علّة اخرى: فإمّا أن تكون كلّ من العلّتين بعنوانها الخاصّ سبباً للحكم، وإمّا أن يكون السبب هو الجامع بين العلّتين بدون دخلٍ لخصوصية كلٍّ منهما في العلّة.
وكلاهما غير صحيح:
أمّا الأول فلأنّ الحكم موجود واحد شخصيّ في عالم التشريع، والموجود الواحد الشخصيّ يستحيل أن تكون له علّتان.