لهذا الظهور، إذ يثبتان ما يقوله المتكلّم، فتنطبق حينئذٍ الكبرى التي هي مدلول لظهور التطابق المذكور.
وقاعدة الاحترازية التي تقوم على أساس هذا الظهور تقتضي انتفاء الحكم بانتفاء القيد، إلّاأ نّها إنّما تنفي شخص الحكم المدلول لذلك الخطاب، ولا تنفي أيَّ حكمٍ آخر من قبيله، وبهذا اختلفت عن المفهوم في موارد ثبوته، حيث إنّه يقتضي انتفاء طبيعيّ الحكم وسنخه بانتفاء الشرط، على ما تقدّم في الحلقة السابقة[1].
وأمّا في الحالة الثانية فقد انيط الحكم في مرحلة المدلول التصوريّ بذات الفقير، وقد تقدّم أنّ مدلول اسم الجنس لا يدخل فيه التقييد ولا الإطلاق، والدلالة التصديقية الأوّلية إنّما تنطبق على ذلك بمقتضى التطابق بينها وبين الدلالة التصورية للكلام.
وبهذا ينتج: أنّ المتكلّم قد أفاد بقوله ثبوت الحكم للفقير، ولم يُفِد دخل قيد العدالة في الحكم، ولم يقل ذلك، لا أ نّه أفاد الإطلاق وقال به؛ لأنّ صدق ذلك يتوقّف على أن يكون الإطلاق دخيلًا في مدلول اللفظ وضعاً، وقد عرفت عدمه، فقصارى ما يمكن تقريره أ نّه لم يذكر القيد ولم يقله. وهذا يحقّق صغرى لظهورٍ حاليٍّ سياقي، وهو ظهور حال المتكلّم في أ نّه في مقام بيان موضوع حكمه الجدّيّ بالكامل، وهو يستتبع ظهور حاله في أنّ ما لا يقوله من القيود لا يريده في موضوع حكمه. وبذلك نثبت أنّ قيد العدالة غير مأخوذٍ في موضوع الحكم في الحالة الثانية، وهو معنى الإطلاق، وهذا ما يسمّى بقرينة الحكمة، أو (مقدِّمات الحكمة)
[1] في بحث المفاهيم، تحت عنوان: تعريف المفهوم.