وفيه: أنّ الأمر التنزيهيّ بالنزح لا يدلّ إلّاعلى وجود حزازةٍ تنزّهيةٍ في الملاقي دون اللزومية، ومن هنا لم يستكشف من الأمر بالنزح فيما إذا لاقاه الجنب نجاسةُ بدنه.
الوجه الثاني: دعوى أنّ جهة السؤال في هذه الروايات لم تكن هي الشكّ في نجاسة الميتة وعدمها؛ كي يقال بأنّ الأمر التنزيهيّ بالنزح لا يستلزم الإرشاد إلى نجاستها، وإنّما السؤال عن ماء البئر واعتصامه، وهذا لا يكون إلّابعد فراغ السائل عن نجاسة الملاقي معه لاستكشاف اعتصام الماء وعدمه، والإمام عليه السلام قد أمضى ما فرغ عنه السائل ارتكازاً من نجاسة الميتة الملاقية مع الماء، فيكون ذلك دليلًا على النجاسة وإن لم تكن منجّسةً للبئر باعتبار اعتصامه.
والحاصل: أنّ في روايات النزح ظهورين عرضيّين: ظهور في إمضاء ما ارتكز في ذهن السائل وفرغ عنه من نجاسة الميتة، وظهور للأمر بالنزح في انفعال ماء البئر، والساقط من الظهورين هو الأخير بقرينة روايات الاعتصام دون الأوّل.
وفيه: أنّ استظهار كون جهة السؤال في هذه الروايات هو اعتصام البئر وعدمه مع المفروغية عن نجاسة الميتة يتوقّف على ثبوت ارتكاز نجاسة الميتة في ذهن المتشرّعة على حدّ بعض النجاسات الاخرى المعروفة المركوزة لديهم.
ومثل هذا الارتكاز المتشرّعيّ وإن لم يكن ببعيدٍ إلّاأ نّه لو كان فهو بنفسه كافٍ للكشف القطعيّ عن الحكم بالنجاسة، دون حاجةٍ إلى استئناف الاستدلال عليه بالروايات.
وأمّا حيث لا يدّعى الجزم بثبوته فلا يبقى ما يعيِّن جهة السؤال لروايات النزح في ما ذكر، بل لعلّ السائل كان يسأل عن حكم الميتة بلسان السؤال عن ملاقياتها التي أحدها ماء البئر، فلا يستفاد من النزح التنزّهيّ عندئذٍ محذور