الجهة الاولى: في شمولها للحيوان ذي النفس غير المأكول.

ولا إشكال في أنّ أكثر روايات الباب منصرفة إلى المنيّ من الإنسان، بقرينة ما ورد فيها من فرض الإصابة للثوب أو البدن أو نحو ذلك ممّا لا يكون عادةً بغير منيّ الإنسان.

غير أنّ رواية محمد بن مسلم المتقدّمة- حيث لم يفرض في صدرها الملاقاة مع الثوب أو البدن، وإنّما ذكر المنيّ فشدّده وجعله أشدّ من البول- قد يُدَّعى إطلاقها للمنيّ من غير الإنسان أيضاً، وكون الحكم بالنجاسة المستفاد من قوله: «ذَكَرَ المنيّ فشدَّده» من شؤون طبيعة المنيّ بما هو.

وقد منع عن الإطلاق المذكور المحقّق الهمدانيّ‏[1] رحمه الله باعتبار ما ورد في ذيل الرواية «إن رأيت المنيّ قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة الصلاة، وإن أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثمّ صلّيت فيه ثمّ رأيته بعد فلا إعادة عليك، وكذلك البول»، حيث يكون قرينةً على أنّ النظر فيها أيضاً إلى منيّ الإنسان، كما هو الحال في سائر الروايات.

ويرد عليه: أ نّه فرق بين أن يأتي الحكم بالنجاسة على فرض إصابة المنيّ للثوب وبين أن يأتي على طبيعيّ المنيّ، ثمّ يفرّع عليه أ نّه إن أصاب الثوب فالصلاة فيه حكمها كذا.

ففي الأوّل لا يكون للحكم بالنجاسة إطلاق لغير المنيّ الذي يتعارف إصابته للثوب، وهو منيّ الإنسان.

وأمّا في الثاني فلا يكون فرض الإصابة بلحاظ حكمٍ آخر مترتّبٍ على‏

 

[1] مصباح الفقيه كتاب الطهارة: 521، ط حجري