ونسب[1] هذا القول أيضاً إلى ربيعة، وهو وإن كان معاصراً للإمام الصادق عليه السلام ولكنّه كان فقيهاً منعزلًا، ولم يتحقّق له في حياته من المقام الرسميّ أو الاجتماعي ما يناسب الاتّقاء منه، خصوصاً إذا قبلنا صدور بعض النصوص السابقة في الطهارة من الإمام الباقر، الذي كان ربيعة شاباً عند وفاته.
وعليه فافتراض التقية بهذا المعنى غير محتملٍ عادةً في نفسه، فضلًا عن دعوى صدق عنوان ما وافق العامّة على أخبار الطهارة.
والوجه الثاني الذي ذكر في تصوير التقيّة هو: أن تكون روايات الطهارة تقيّةً من الحكّام والسلاطين، الّذين كانوا يشربون الخمور ولا يتجنّبون مساورتها.
وهذا الوجه في غاية الغرابة والانحراف عن التفكير السليم إلى درجةٍ لم أكن أرضى بأن يتفوّه به فقيه! وذلك:
أمّا أوّلًا فلأنّ ما دلّ على ترجيح المخالف للعامّة على الموافق ناظر إلى الموافقة والمخالفة بلحاظ ما عليه تديّن العامّة وشرعهم، لا ما عليه عمل فسّاقهم وفجّارهم.
وأمّا ثانياً فلأ نّه كيف يمكن أن نحتمل في الأئمّة عليهم السلام أ نّهم ينزلون إلى مستوى الإفتاء بغير الواقع تبريراً لفسق الحكّام، فإنّ مثل هذا لم يكن يصدر من المتعفّفين من فقهاء السنّة أنفسهم، فكيف يصدر من أئمّةِ أهلِ البيت؟!
وما كان الأئمّة يمارسونه من تقيّةٍ مع الحكّام إنّما يرجع إلى التعامل معهم كحكام، وعدم التجاهر بعدم صلاحيتهم للحاكمية، لا تبرير فسقهم وفجورهم.
وأمّا ثالثاً فلأنّ الخلفاء المعاصرين للإمام الصادق عليه السلام لم ينقل في التأريخ أ نّهم شربوا خمراً، بل لم ينقل ذلك إلّاعن شواذٍّ من الخلفاء وأشباه الخلفاء في
[1] المجموع 2: 563