وثالثةً يعتقد بسنخٍ آخر من الجسمية، على نحوٍ تدعى مناسبته لعالم الربوبية.
والأوّل كافر بلا إشكال؛ لأدائه إلى إنكار اللَّه تعالى بمعناه الارتكازيّ المستبطن لصفات الكمال، المأخوذ في عقد المستثنى من كلمة «التوحيد».
وأمّا الثاني فكفره يتوقّف: إمّا على كون عدم التجسيم بعنوانه مأخوذاً ضمناً في موضوع عقد المستثنى من الكلمة الشريفة، أو على كونه من ضروريات الدين مع الالتزام بكفر منكر الضروري.
وكلا الأمرين محلّ منع. وكفر الثالث أبعد احتمالًا من الثاني. هذا على مقتضى القاعدة.
وأمّا بلحاظ الروايات الخاصّة فقد ورد تكفير المجسِّمة أو المشبِّهة في عدّة روايات، فقد جاء في رواية الصدوق، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالسلام بن صالح الهروي، عن الرضا عليه السلام- في حديثٍ- قال: «من وصف اللَّه بوجهٍ كالوجوه فقد كفر»[1].
ومثل هذا الحديث مطلق؛ لفرض الالتزام بلوازم ذلك وعدمه، فتقع المعارضة- بنحو العموم من وجهٍ- بينه وبين ما دلّ بإطلاقه على أنّ ضابط الإسلام هو الشهادتان، ومادّة الاجتماع المجسِّم غير المعتقد بلوازم التجسيم، فيبنى على إسلامه: إمّا تقديماً للدليل الثاني، أو للرجوع إلى المعنى العرفيّ لعنوان المسلم والكافر المأخوذين في موضوعات الأدلّة بعد تساقط العامّين من وجه.
ولا يتوهّم أنّ روايات تكفير المشبِّه والمجسِّم مقيّدة لدليل إسلام من آمن بالشهادتين؛ لأنّها بمثابة دليل الشرطية.
[1] وسائل الشيعة 28: 340، الباب 10 من أبواب أحكام حدِّ المرتدّ، الحديث 3