ثمّ إنّ الرواية لو تمّت دلالتها على كفر المستحلّ ولو لشبهةٍ فإثبات تمام المدّعى بها يتوقّف:
أوّلًا: على إلغاء خصوصية استحلال الحرام؛ لكي يتعدّى إلى إنكار غير الحرمة من الأحكام الضرورية.
وثانياً: على إلغاء دخل الارتكاب الفعليّ للحرام في الحكم بالكفر، كما هو مقتضى الجمود على عبارة الرواية.
ومثل هذه الرواية بعض الروايات الاخرى، كرواية مسعدة به صدقة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال (في حديث): فقيل له: أرأيت المرتكب للكبيرة يموت عليها أتخرجه من الإيمان؟ وإن عذّب بها فيكون عذابه كعذاب المشركين، أوْلَهُ انقطاع؟ قال: «يخرج من الإسلام اذا زعم أ نّها حلال، ولذلك يعذّب بأشدّ العذاب …»[1].
وفي بعض الروايات علّق فيها الحكم بالكفر على عنوان الجحود، كما في رواية داود بن كثير الرقّي، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: سنن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كفرائض اللَّه عزّوجلّ؟ فقال: «إنّ اللَّه عزّوجلّ فرض فرائض موجباتٍ على العباد، فمن ترك فريضةً من الموجبات فلم يعمل بها وجحدها كان كافراً …
الحديث»[2]. وقد اخذ في هذا الحديث «الجحود»، وهو إنّما يعلم بصدقه عند العلم، فلا يستفاد من الرواية أكثر ممّا تقتضيه القاعدة.
وهناك رواية العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن أدنى ما يكون العبد به مشركاً، فقال: «من قال للنواة إنّها حصاة، وللحصاة إنّها نواة ثم
[1] المصدر السابق: الحديث 11
[2] المصدر السابق: 30، الحديث 2