الثاني: أنّ موضوع الإطلاق هو ما لا يؤكل لحمه من الحيوانات، فلا يشمل الحيوان غير اللحميّ عرفاً. والخفّاش لا يكون حيواناً لحميّاً عند العرف، فإسراء الحكم إليه يحتاج إلى إلغاء خصوصية اللحميّة، وجعل تمام الموضوع حرمة الأكل، وهو بلا موجبٍ بعد احتمال الفرق عقلًا وعرفاً بينهما.
وهذا الوجه صحيح، وبه يثبت في هذا المقام عدم تمامية مقتضي النجاسة في نفسه لبول الخفّاش وخرئه.
وأمّا المقام الثاني فلو افترض تمامية الإطلاق في المقام الأوّل لدليل نجاسة البول لبول الخفّاش يقع البحث عن النسبة بينه وبين موثّقة أبي بصير، الدالّة على طهارة بول الطير، حيث قد يقال بأ نّه في خصوص الخفاش لابدّ من تقديم الموثّقة والحكم بطهارة بوله، ولو فرض عدم تقدّمها على دليل النجاسة في غير الخفّاش من الطيور المحرمة؛ وذلك بدعوى انحصار البول في دائرة الطيور بالخفّاش، إذ سائر الطيور لا بول لها بصورةٍ منفصلةٍ عن الخرء، فتكون الموثّقة كالنصّ في طهارة بول الخفّاش.
وفيه: أ نّه لو سلّم انحصار البول في دائرة الطيور بالخفّاش، وسلّم أنّ المائع الخارج مع الخرء ليس بولًا عرفاً إلّابالعناية فلابدّ من حمل قوله عليه السلام: «كلّ شيءٍ يطير فلا بأس ببوله» على إرادة هذا المائع نفسه الذي يكون بولًا عنايةً، إذ لا يمكن أن يكون مثل هذا الخطاب المشتمل على أداة العموم والواضح في إعطاء قاعدةٍ عامّةٍ فيباب الطير ناظراً إلى خصوص بول الخفّاش، كما هو واضح.
وأمّا المقام الثالث فقد استدلّ على نجاسة بول الخفّاش برواية داود الرقّي، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه فلا أجده؟