الرواية الثانية: ما عن عبد الرحمان بن الحجّاج، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إنّي أدخل سوق المسلمين- أعني هذا الخلق الذين يدّعون الإسلام- فأشتري منهم الفراء للتجارة، فأقول لصاحبها: أليس هي ذكية؟ فيقول:
بلى، فهل يصلح لي أن أبيعها على أ نّها ذكية؟ فقال: «لا، ولكن لا بأس أن تبيعها وتقول: قد شرط لي الذي اشتريتها منه أ نّها ذكية». قلت: وما أفسد ذلك! قال:
«استحلال أهل العراق للميتة، وزعموا أنّ دباغ جلد الميتة ذكاته، ثمّ لم يرضوا حتّى أن كذبوا في ذلك على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله!»[1].
وهي قد يستدلّ بها على عدم الاعتبار بيد البائع المستحلّ، حتّى مع شهادته بذكاته.
إلّاأ نّه قد يناقش فيها دلالةً بدعوى: أنّ ظاهرها عدم جواز التعهّد والشهادة بأنّ المشكوك مذكّى استناداً إلى يد المستحلّ أو قوله، لا الحكم ظاهراً بأ نّه ليس بمذكّى، خصوصاً مع ظهور الكلام في جواز البيع بناءً على عدم جواز بيع غير المذكّى. فإن تمّت هذه المناقشة فهو، وإلّا كفى في سقوط هذه الرواية ضعفها سنداً بمحمد بن هلال.
وهكذا يتّضح تمامية المقتضي وعدم المانع عن شمول الروايات ليد المستحلّ.
الأمر الخامس: أنّ يد غير المسلم- بعد الفراغ عن عدم أماريتها على التذكية- هل توجب حجّية إخبار صاحبها بالتذكية، أو لا؟
[1] وسائل الشيعة 3: 503، الباب 61 من أبواب النجاسات، الحديث 4. وفيه محمّد بن عبد اللَّه بن هلال