التذكية لا يمكن إثباتها باستصحاب عدم التذكية.
نعم، لو استظهر من رواية عليّ بن جعفر أ نّها ناظرة ابتداءً- سؤالًا وجواباً- إلى النجاسة والطهارة، وأن الاستفهام عن الصلاة مع الفأرة تعبير عرفيّ في مقام السؤال عن النجاسة كان نفي البأس المعلّق على التذكية في منطوق الجواب، يعني الطهارة، ويدلّ المفهوم حينئذٍ على تعليق النجاسة على عنوان عدم التذكية.
وقد يوقع حينئذٍ نحو من التعارض بين ظهور رواية عليّ بن جعفر في موضوعية عدم التذكية للنجاسة- المساوق لعدم دخل عنوان الميتة الوجوديّ فيها- وبين ظهور أدلّة نجاسة الميتة في دخل هذا العنوان، بعد عدم وجود احتمال عرفيّ للتفكيك بين نجاسة الفأرة ونجاسة غيرها من أجزاء الميتة من حيث الموضوع، والفراغ عن وحدة النجاسة المجعولة في سائر تلك الأدلّة، ومع التعارض المذكور يتعذّر أيضاً إجراء الاستصحاب لإثبات النجاسة.
وإذا اختير التفصيل الثاني- كما هو مختار السيد الماتن قدس سره- فتارةً يعلم بأنّ الفأرة متّخذة من حيوانٍ زهق روحه ولكن يشكّ في كونه مذكّىً أو ميتة.
واخرى يشكّ في كونها من الحيّ أو من الميتة. وثالثةً يشكّ في كونها من الحيّ أو المذكّى أو الميتة.
وعلى كلِّ واحدٍ من هذه التقادير: تارةً يفترض وجود أمارةٍ في البين، كما لو اشتريت من السوق أو اخذت من يد مسلم. واخرى لا يوجد شي‏ء من ذلك.
أمّا على تقدير وجود يد المسلم أو سوقه فلابدّ وأن ينظر إلى دليل الحجّية ليرى حدود مفاده، فاذا استفيد منه- ولو بمناسبات الحكم والموضوع العرفية- أنّ اليد أو السوق اعتبرت أمارةً على أنّ المشكوك ممّا لا محذور فيه شرعاً؛ لأنّ كونه ممّا فيه المحذور شرعاً خلاف ما يقتضيه إسلام صاحب اليد أو السوق فلا إشكال‏