وإمّا باعتبار البناء على ثبوت الأمر بغسل الملاقي لميّت الإنسان مطلقاً مع الرطوبة أو الجفاف، فيكون ارتكاز عدم سراية النجاسة مع عدم الرطوبة قرينةً على أنّ الأمر بالغسل ليس بلحاظ نجاسة الميّت، وإلّا لاختصّ بحال الرطوبة.
وإمّا بدعوى: أنّ المراد بغسل الثوب غسل ما لصق به من رطوبة الميّت وقذارته، ولا يدلّ ذلك على النجاسة الحكمية.
وكل ذلك مدفوع.
أمّا الأوّل فيرد عليه:
أوّلًا: أنّ ارتكاز عدم زوال النجاسة عن نجس العين إلّابنحو السالبة بانتفاء الموضوع- من قبيل طهارة الكلب بصيرورته ملحاً، أو طهارة الكافر بصيرورته مسلماً- إنّما يتمّ في الموارد التي تكون النجاسة الشرعية فيها بنكتة القذارة، لا بنكاتٍ معنوية، كما في المقام، وكما في نجاسة الكافر والخمر؛ لأنّ زوال تلك النكتة المعنوية بالتطهير ليس على خلاف الارتكاز، بخلاف خروج ما يكون بذاته قذراً عن القذارة.
وثانياً: أ نّه كما ينافي مع الارتكاز ارتفاع النجاسة عن نجس العين كذلك ينافي مع الارتكاز حمل الأمر بالغسل على نجاسة الثوب الملاقي مع طهارة الملاقَى- بالفتح-؛ لأنّ الارتكاز يقضي بعدم منجّسية الطاهر. وكذلك يعتبر إ يجاب غسل النظيف والطاهر تعبّداً على خلاف الارتكاز. فإذا كانت كلّ المحتملات على خلاف الارتكاز فليؤخذ بظهور الأمر بالغسل في النجاسة.
وأمّا الثاني فيرد عليه:
أوّلًا: أنّ ما تقدّم من الروايات مشتمل على ما هو مختصّ بفرض الرطوبة، إذ قد فرض فيه أنّ شيئاً ما قد أصاب الثوب من الميّت، وهذا لا يتصوّر مع الجفاف. ووجود ما يدلّ على الأمر بالغسل مطلقاً لا يكون مضرّاً.