كيف تعالج المشكلة؟

والعالم أمامه سبيلان إلى دفع الخطر وإقامة دعائم المجتمع المستقرّ:
أحدهما: أن يبدل الإنسان غير الإنسان، أو تُخلَق فيه طبيعة جديدة تجعله يضحّي بمصالحه الخاصّة، ومكاسب حياته المادية المحدودة في سبيل المجتمع ومصالحه، مع إيمانه بأ نّه لا قيم إلّاقيم تلك المصالح المادية، ولا مكاسب إلّا مكاسب هذه الحياة المحدودة. وهذا إنّما يتمّ إذا انتزع من صميم طبيعته حبّ الذات وابدل بحبّ الجماعة، فيولد الإنسان وهو لا يحبّ ذاته إلّاباعتبار كونه جزءاً من المجتمع، ولا يلتذّ لسعادته ومصالحه إلّابما أ نّها تمثّل جانباً من السعادة العامة ومصلحة المجموع. فإنّ غريزة حبّ الجماعة تكون ضامنةً حينئذٍ للسعي وراء مصالحها وتحقيق متطلباتها بطريقةٍ مكانيكيةٍ واسلوبٍ آلي.
والسبيل الآخرالذي يمكن للعالم سلوكه لدرء الخطر عن حاضر الإنسانية ومستقبلها هو: أن يطوّر المفهوم المادي للإنسان عن الحياة، وبتطويره تتطوّر طبيعياً أهدافها ومقاييسها؛ وتتحقّق المعجزة حينئذٍ من أيسر طريق.
والسبيل الأول هو الذي يحلم أقطاب الشيوعيّين بتحقيقه للإنسانية في مستقبلها، ويعِدون العالم بأ نّهم سوف ينشئونها إنشاءً جديداً يجعلها تتحرك ميكانيكياً إلى خدمة الجماعة ومصالحها. ولأجل أن يتمّ هذا العمل الجبار يجب أن نوكل قيادة العالم اليهم، كما يوكَل أمر المريض إلى الجرّاح ويفوَّض اليه تطبيبه وقطع الأجزاء الفاسدة منه، وتعديل المعوجّ منها، ولا يعلم أحدٌ كم تطول هذه العملية الجراحية التي تجعل الإنسانية تحت مبضع جرّاح؟ وإنّ استسلام الإنسانية لذلك لهو أكثر دليلٍ على مدى الظلم الذي قاسته في النظام الديمقراطي الرأسمالي‏