الذي خدعها بالحرّيات المزعومة، وسلب منها أخيراً كرامتها وامتصّ دماءها؛ ليقدّمها شراباً سائغاً للفئة المدلّلة التي يمثّلها الحاكمون.
والفكرة في هذا الرأي القائل بمعالجة المشكلة عن طريق تطوير الإنسانية وإنشائها من جديدٍ ترتكز على مفهوم الماركسية عن حبّ الذات. فإنّ الماركسية تعتقد أنّ حبّ الذات ليس ميلًا طبيعياً وظاهرة غريزية في كيان الإنسان، وإنّما هو نتيجة للوضع الاجتماعي القائم على أساس الملكية الفردية، فإنّ الحالة الاجتماعية للملكية الخاصّة هي التي تكوّن المحتوى الروحي والداخلي للإنسان، وتخلق في الفرد حبَّه لمصالحه الخاصّة ومنافعه الفردية. فاذا حدثت ثورة في الاسس التي يقوم عليها الكيان الاجتماعي وحلّت الملكية الجماعية والاشتراكية محلّ الملكية الخاصّة فسوف تنعكس الثورة في كلّ أرجاء المجتمع، وفي المحتوى الداخلي للإنسان، فتنقلب مشاعره الفردية الى مشاعر جماعية، ويتحوّل حبّه لمصالحه ومنافعه الخاصّة الى حبٍّ لمنافع الجماعة ومصالحها؛ وفقاً لقانون التوافق بين حالة الملكية الأساسية ومجموع الظواهر الفوقية التي تتكيّف بموجبها.
والواقع أنّ هذا المفهوم الماركسي لحبّ الذات يقدِّر العلاقة بين الواقع الذاتي (غريزة حبّ الذات) وبين الأوضاع الاجتماعية بشكلٍ مقلوب، وإلّا فكيف نستطيع أن نؤمن بأنّ الدافع الذاتي وليد الملكية الخاصّة والتناقضات الطبقية التي تنجم عنها؟! فإنّ الإنسان لو لم يكن يملك سلفاً الدافع الذاتي لما أوجد هذه التناقضات، ولا فكّر في الملكية الخاصّة والاستئثار الفردي.
ولماذا يستأثر الإنسان بمكاسب النظام ويضعه بالشكل الذي يحفظ مصالحه على حساب الآخرين ما دام لا يحسّ بالدافع الذاتي في أعماق نفسه؟!
فالحقيقة أنّ المظاهر الاجتماعية للأنانية في الحقل الاقتصادي والسياسي‏