يكفيان لتأمين المصالح الاجتماعية وضمانها ما دامت ترجع بالتحليل الى مصالح خاصّةٍ ومنافع فردية.
وهذا الدفاع أقرب الى الخيال الواسع منه الى الاستدلال. فتصوَّر بنفسك أنّ المقياس العملي في الحياة لكلّ فردٍ في الامّة اذا كان هو تحقيق منافعه ومصالحه الخاصّة على أوسع نطاقٍ وأبعد مدى، وكانت الدولة توفّر للفرد حرّياته وتقدّسه بغير تحفّظٍ ولا تحديد فما هو وضع العمل الاجتماعي من قاموس هؤلاء الأفراد؟! وكيف يمكن أن يكون اتّصال المصلحة الاجتماعية بالفرد كافياً لتوجيه الأفراد نحو الأعمال التي تدعو اليها القيم الخلقية؟! مع أنّ كثيراً من تلك الأعمال لا تعودعلى الفرد بشي‏ءٍ من النفع، واذا اتّفق أن كان فيها شي‏ء من النفع باعتباره فرداً من المجتمع فكثيراً ما يزاحم هذا النفع الضئيل- الذي لا يدركه الإنسان إلّافي نظرةٍ تحليليةٍ- بفوات منافع عاجلةٍ أو مصالح فردية تجد في الحرّيات ضماناً لتحقيقها، فيُطيح الفرد في سبيلها بكلِّ برنامج الخلق والضمير الروحي.

مآسي النظام الرأسمالي:

واذا أردنا أن نستعرض الحلقات المتسلسلة من المآسي الاجتماعية التي انبثقت عن هذا النظام المرتجل لا على أساسٍ فلسفيٍّ مدروسٍ فسوف يضيق بذلك المجال المحدود لهذا البحث، ولذا نلمح اليها:
فأوّل تلك الحلقات: تحكّم الأكثرية في الأقلّية ومصالحها ومسائلها الحيوية، فإنّ الحرّية السياسية كانت تعني: أنّ وضع النظام والقوانين وتمشيتها من حقّ الأكثرية، ولنتصور أنّ الفئة التي تمثّل الأكثرية في الامّة ملكت زمام الحكم‏