الاقتصاد الإسلامي كما نؤمن به‏

أحسِب أنّ البحث السابق يكفي لتكوين فكرةٍ محدَّدةٍ عن المذهب الاقتصادي وعلم الاقتصاد، ووظيفة كلٍّ منهما ووسائله في البحث. ولأجل هذا فسوف نستطيع الآن أن نوضِّح طبيعة فهمنا للاقتصاد الإسلامي، وما نعنيه بتأكيدنا على وجود اقتصادٍ أو نظامٍ اقتصاديٍّ في الإسلام.
إنّ الاقتصاد الإسلامي- كما مرّ بنا في مستهل هذه الدراسة- عبارة عن مذهبٍ اقتصادي، وليس علماً للاقتصاد. فنحن حين نقول: إنّ الإسلام جاء بمذهبٍ اقتصاديٍّ لا نحاول أن نزعم أنّ الإسلام جاء بعلم الاقتصاد.
وذلك أنّ الإسلام لم يجي‏ء ليكتشف أحداث الحياة الاقتصادية، وروابطها وأسبابها، وليس من مسؤولياته ذلك. كما ليس من مسؤوليته أن يكشف للناس قوانين الطبيعة، أو الظواهر الفلكية وروابطها وأسبابها. فكما لا يجب أن يشتمل الدين على علم الفلك وعلوم الطبيعة، كذلك لا يجب أن يشتمل على علم الاقتصاد.
وإنّما جاء الإسلام لينظّم الحياة الاقتصادية بدلًا عن كشفها، ويضع التصميم الذي ينبغي أن تنظّم به وفقاً لتصوراته عن العدالة.
فالاقتصاد الإسلامي يصوّر وجهة نظر الإسلام عن العدالة وطريقته في تنظيم الحياة الاقتصادية، ولا يعبِّر عن كشوفٍ علميةٍ لروابط الحياة الاقتصادية