يلاحظ من خلال تجربته لذلك النظام الأخطاء ونقاط الضعف المستترة فيه، والتي تتكشّف له على مرّ الزمن، فتمكّنه من تفكير اجتماعيٍّ أكثر بصيرةً وخبرة …، وهكذا يكون بإمكان الإنسان أن يفكِّر في النظام الأصلح، ويضع جوابه على السؤال الأساسي في ضوء تجاربه وخبرته. وكلّما تكاملت وكثرت تجاربه أو الأنظمة التي جرّبها ازداد معرفةً وبصيرة، وصار أكثر قدرةً على تحديد النظام الأصلح وتصوّر معالمه.
فسؤالنا الأساسي: «ما هو النظام الأصلح؟» ليس إلّاكسؤال: ما هي أصلح طريقةٍ لتدفئة المسكن؟ هذا السؤال الذي واجهه الإنسان منذ أحسّ بالبرد وهو في كهفه أو مغارته، فأخذ يفكّر في الجواب عليه، حتّى اهتدى في ضوء ملاحظاته أو تجاربه العديدة الى طريقة إيجاد النار. وظلَّ يثابر ويجاهد في سبيل الحصول على جوابٍ أفضل عبر تجاربه المديدة، حتّى انتهى أخيراً الى اكتشاف الكهرباء واستخدامه في التدفئة.
وكذلك آلاف المشاكل التي كانت تعترض حياته، فأدرك طريقة حلِّها خلال التجربة، وازداد إدراكه دقّةً كلّما كثرت التجربة، كمشكلة الحصول على أصلح دواءٍ للسلِّ، أو أسهل وسيلةٍ لاستخراج النفط، أو أسرع واسطةٍ للنقل والسفر، أو أفضل طريقةٍ لحياكة الصوف …، وما إلى ذلك من مشاكل وحلول.
فكما استطاع الإنسان أن يحلّ هذه المشاكل ويضع الجواب عن تلك الأسئلة من خلال تجاربه كذلك يستطيع أن يجيب على سؤال: «ما هو النظام الأصلح؟» من خلال تجاربه الاجتماعية التي تكشف له عن سيّئاتِ ومحاسن النظام المجرَّب، وتبرز ردود الفعل له على الصعيد الاجتماعي.
الفرق بين التجربة الطبيعية والاجتماعية:
وهذا صحيح الى درجةٍ ما، فإنّ التجربة الاجتماعية تُتيح للإنسان أن يقدّم