إنّ هذه المحاولات خاطئة؛ لأنّنا رأينا في الأمثلة السابقة التي قدّمناها للتفرقة بين العلم والمذهب أنّ المذهب الاقتصادي يتناول الإنتاج، كما يتناول التوزيع، (راجع المثال الثالث). وعلم الاقتصاد يتناول التوزيع، كما يتناول الإنتاج، (راجع المثال الأول والثاني).
فقانون الاجور الحديدي الذي سبق في المثال الثاني قانون علمي بالرغم من أ نّه يتّصل بالتوزيع. وتنظيم الإنتاج على أساس مبدأ الحرّية الاقتصادية، أو على أساس التوجيه المركزي من الدولة يعتبر قضيّةً من قضايا المذهب بالرغم من كونه بحثاً في الإنتاج.
فمن الخطأ أن نحكم على أيِّ بحثٍ بأ نّه علميّ إذا كان يتناول الإنتاج، وأ نّه مذهبيّ إذا كان يتناول التوزيع.
بل العلامة الفارقة للبحث العلمي عن البحث المذهبي هي علاقة البحث بالواقع، أو العدالة. فإن كان بحثاً عن الواقع في الحياة الاقتصادية وكيف هو؟
فالبحث علمي. وإن كان بحثاً عن العدالة، وكيف ينبغي أن تحقّق؟ فالبحث مذهبي. أي أنّ ارتباط الفكرة بالعدالة هو العلامة الفارقة للمذهب بشكلٍ عامٍّ عن البحوث العلمية التي يضمّها علم الاقتصاد.
المذهب قد يكون إطاراً للعلم:
عرفنا أنّ علم الاقتصاد كما يبحث في الإنتاج، ويكتشف قانون الغلّة المتناقصة- مثلًا- كذلك يبحث في التوزيع ويكتشف قانوناً، كالقانون الحديدي للُاجور.
ولكن بالرغم من ذلك يوجد أحياناً فرق بين البحث العلمي في الإنتاج والبحث العلمي في التوزيع، ولنأخذ قانون الغلّة المتناقصة والقانون الحديدي