الاقتصاد؛ لأنّه بحث يستهدف اكتشاف ما يجري من أحداثٍ وما تتحكّم فيها من قوانين.
والمذهب الاقتصادي حين يتناول اجور العمّال لا يريد أن يكتشف ما يقع في السوق الحرّة، وإنّما يوجِد طريقةً لتنظيمها تتّفق مع مفاهيم العدالة عنده. فهو يتحدّث عن الأساس الذي ينبغي أن تنظّم بموجبه الاجور، ويبحث عمّا اذا كان مبدأ الحرّية الاقتصادية يصلح أن يكون أساساً لتنظيم الاجور من وجهة نظره عن العدالة أوْ لا.
وهكذا نرى أنّ المذهب الاقتصادي يحدِّد كيف ينبغي أن تنظَّم السوق من وجهة نظره الى العدالة، هل تنظَّم على أساس مبدأ الحرّية الاقتصادية، أو على أساسٍ آخر؟ وعلم الاقتصاد يدرس السوق المنظّمة، على أساس مبدأ الحرّية الاقتصادية مثلًا؛ ليتعرّف على ما يحدث في السوق المنظّمة وفقاً لهذا المبدأ من أحداث، وكيف تحدّد فيها أثمان السلع واجور العمّال؟ وكيف ترتفع وتنخفض؟
وهذا معنى قولنا: إنّ العلم يكتشف، والمذهب يقوِّم ويقدِّر.
المثال الثالث:
ولنأخذ المثال الثالث من الإنتاج، ولنحدّد الزاوية التي منها يدرس علم الاقتصاد الإنتاج، والزاوية التي منها يدرس الإنتاج في المذهب الاقتصادي.
ونتبيّن الفارق بين الزاويتين.
فعلم الاقتصاد يدرس من الإنتاج الوسائل العامة التي تؤدّي الى تنمية الإنتاج، كتقسيم العمل، والتخصّص، فيقارن- مثلًا- بين مشروعين لإنتاج الساعات يشتمل كلّ منهما على عشرة عمّال، يكلّف كلّ عاملٍ في أحد