ولأجل ذلك كان مردّ فكرة الحرّية في الإسلام الى عقيدةٍ إيمانيةٍ موحّدة باللَّه، ويقينٍ ثابتٍ بسيطرته على الكون. وكلّما تأصّل هذا اليقين في نفس المسلم وتركّزت نظرته التوحيدية الى اللَّه تسامت نفسه وتعمّق إحساسه بكرامته وحرّيته، وتصلّبت إرادته في وجه الطغيان والبغي واستعباد الآخرين: «وَ الَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ»[1].

وعلى العكس من ذلك فكرة الحرّية في الحضارة الغربية، فإنّها كانت وليدة الشكّ لا اليقين، ونتيجة القلق والثورة لا اليقين والاستقرار، كما عرفنا سابقاً.

[أقسام الحرّية:]

ويمكننا أن نقسِّم الحرّيات الديمقراطية الرأسمالية للمقارنة بينها وبين الإسلام الى قسمين:

أحدهما: الحرّية في المجال الشخصي للإنسان، وهي ما تطلق عليه الديمقراطية اسم «الحرّية الشخصية».

والآخر: الحرّية في المجال الاجتماعي، وهي تشمل الحرّيات الفكرية والسياسية والاقتصادية.

فإنّ الحرّية الشخصية تعالج سلوك الإنسان بوصفه فرداً، سواءً كان يعيش بصورةٍ مستقلّةٍ أو جزءاً من مجتمع. وأمّا الحرّيات الثلاث الاخرى فهي تعالج الإنسان بوصفه فرداً يعيش في ضمن جماعة، فتسمح له بالإعلان عن أفكاره للآخرين كما يحلو له، وتمنحه الحقّ في تقرير نوع السلطة الحاكمة، وتفتح أمامه‏

 

[1] الشورى‏: 39