التي تمنحها للأفراد الذين يعجزون عن السباحة، إذا قلنا لهم: أنتم أحرار فاسبحوا كما يحلو لكم، أينما تريدون. ولو كنّا نريد حقّاً أن نوقِّر لهؤلاء حرّية السباحة ونعطيهم فرصة التمتّع بهذه الرياضة كما يتمتّع القادرون على السباحة لكفلنا لهم حياتهم خلالها، وطلبنا من الماهرين فيها الحفاظ عليهم ومراقبتهم وعدم الابتعاد عنهم في مجال السباحة؛ لئلّا يغرقوا، فنكون بذلك قد وفّرنا الحرّية الحقيقية والقدرة على السباحة للجميع، وإن حدّدنا شيئاً من نشاط الماهرين لضمان حياة الآخرين.

وهذا تماماً ما فعله الإسلام في الحقل الاقتصادي، فنادى‏ بالحرّية الاقتصادية وبالضمان معاً، ومزج بينهما في تصميمٍ موحّد، فالكلّ أحرار في المجال الاقتصادي ولكن في حدودٍ خاصّة. فليس الفرد حرّاً حين يتطلّب ضمان الأفراد الآخرين والحفاظ على الرفاه العامّ التنازل عن شي‏ءٍ من حرّيته.

وهكذا تآلفت فكرتا الحرّية والضمان فى الإسلام‏[1].

[الحرّية الفكريّة بمفهومها الرأسمالي:]

وأمّا الحرّية الفكرية فهي تعني في الحضارة الغربية: السماح لأيِّ فردٍ أن يفكّر ويعلن أفكاره ويدعو اليها كما يشاء، على أن لا يمسّ فكرة الحرّية والاسس التي ترتكز عليها بالذات. ولهذا تسعى‏ المجتمعات الديمقراطية الى مناوئة الأفكار الفاشستية والتحديد من حرّيتها أو القضاء عليها بالذات؛ لأنّ هذه الأفكار تحارب نفس الأفكار الأساسية والقاعدة الفكرية التي تقوم عليها فكرة الحرّية والاسس الديمقراطية.

 

[1] لأجل التوسّع لاحظ دراستنا للحرّية الرأسمالية في كتاب اقتصادنا.( المؤلف قدس سره)