الإسلام حجر الزاوية في عملية إقامة المجتمع الحرّ السعيد، فما لم يملك الإنسان إرادته، ويسيطر على موقفه الداخلي ويحتفظ لإنسانيته المهذّبة بالكلمة العليا في تقرير سلوكه لا يستطيع أن يحرِّر نفسه في المجال الاجتماعي تحريراً حقيقياً يصمد في وجه الإغراء، ولا أن يخوض معركة التحرير الخارجي بجدارةٍ وبسالة، «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ»[1]، «وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً»[2].

الحرّية في المجال الاجتماعي:

كما يخوض الإسلام معركة التحرير الداخلي للإنسانية كذلك يخوض معركةً اخرى‏ لتحرير الإنسان في النطاق الاجتماعي، فهو يحطِّم في المحتوى الداخلي للإنسان أصنام الشهوة التي تسلبه حرّيته الإنسانية، ويحطِّم في نطاق العلاقات المبادلة بين الأفراد الأصنام الاجتماعية ويحرّر الإنسان من عبوديتها، ويقضي على عبادة الإنسان للإنسان، «قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى‏ كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَ لا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَ لا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ»[3].

فعبودية الإنسان للَّه‏تجعل الناس كلَّهم يقفون على صعيدٍ واحدٍ بين يدي المعبود الخالق، فلا توجد امّة لها الحقّ في استعمار امّةٍ اخرى واستعبادها، ولا فئة من المجتمع يباح لها اغتصاب فئةٍ اخرى ولا انتهاك حرّيتها، ولا إنسان يحقّ له أن‏

 

[1] الرعد: 11

[2] الإسراء: 16

[3] آل عمران: 64