والزكاة هي عبادة من أهمّ العبادات الى صفّ الصلاة والصيام، لا شكّ في ذلك، ولكنَّ إطارها العبادي لا يكفي للبرهنة على أ نّها ليست ذات مضمونٍ اقتصادي، وأ نّها لا تعبِّر عن وجود تنظيمٍ اجتماعيٍّ للحياة الاقتصادية في الإسلام.
إنّ ربط الزكاة بوليِّ الأمر واعتبارها أداةً يستعين بها على تحقيق الضمان الاجتماعي في المجتمع الإسلامي- كما رأينا في النصِّ السابق- هو وحده يكفي لتمييز الزكاة عن سائر العبادات الشخصية، والتدليل على أ نّها ليست مجرَّدَ عبادةٍ فرديةٍ وتمرينٍ خلقيٍّ للغني على الإحسان الى الفقير، وإنّما هي على مستوى تنظيمٍ اجتماعيٍّ لحياة الناس.
أضف الى ذلك: أنّ نفس التصميم التشريعي لفريضة الزكاة يعبّر عن وجهةٍ مذهبيةٍ عامةٍ للإسلام؛ فإنّ نصوص الزكاة دلّت على أ نّها تعطى‏ للمُعوِزين، حتّى يلتحقوا بالمستوى العام للمعيشة. وهذا يدلّ على أنّ الزكاة جزء من مخطّطٍ إسلاميٍّ عامٍّ لإيجاد التوازن، وتحقيق مستوىً عامٍّ موحّدٍ من المعيشة في المجتمع الإسلامي. ومن الواضح أنّ التخطيط المتوازن ليس وعظاً، وإنّما هو فكر تنظيميّ على مستوى مذهبٍ اقتصادي.

ماذا ينقص الاقتصاد الإسلامي عن غيره؟

وأنا لا أدري لماذا يسخوا المنكرون للاقتصاد الإسلامي بلقب المذهب الاقتصادي على الرأسمالية والاشتراكية، ثمّ لا يمنحون هذا اللقب للاقتصاد الإسلامي، بل يجعلونه مجموعةً من التعاليم الاخلاقية.
فمن حقّنا أن نتساءل: بِمَ استحقّت الرأسمالية أو الاشتراكية أن تكون مذهبا