الثروات، وإلغاء الملكية الخاصّة- الى نفس جهاز الدولة المكوّن من جماعةٍ تسيطر عليهم نفس المفاهيم المادية عن الحياة، والتي تفرض عليهم تقديم المصالح الشخصية بحكم غريزة حبّ الذات، وهي تأبى‏ أن يتنازل الإنسان عن لذّةٍ ومصلحةٍ بلا عوض. وما دامت المصلحة المادية هي القوة المسيطرة بحكم مفاهيم الحياة المادية فسوف تستأنف من جديدٍ ميادين للصراع والتنافس، وسوف يعرَّض المجتمع لأشكالٍ من الخطر والاستغلال.
فالخطر على الإنسانية يكمن كلّه في تلك المفاهيم المادية وما ينبثق عنها من مقاييس للأهداف والأعمال. وتوحيد الثروات الرأسمالية- الصغيرة أو الكبيرة- في ثروةٍ كبرى يسلَّم أمرها للدولة، من دون تطويرٍ جديدٍ للذهنية الإنسانية لا يدفع ذلك الخطر، بل يجعل من الامّة جميعاً عمّال شركةٍ واحدة، ويربط حياتهم وكرامتهم بأقطاب تلك الشركة وأصحابها.
نعم، إنّ هذه الشركة تختلف عن الشركة الرأسمالية في أنّ أصحاب تلك الشركة الرأسمالية هم الذين يملكون أرباحها ويصرفونها في أهوائهم الخاصّة.
وأمّا أصحاب هذه الشركة فهم لا يملكون شيئاً من ذلك في مفروض النظام، غير أنّ ميادين المصلحة الشخصية لا تزال مفتوحة، والفهم المادي للحياة- الذي يجعل من تلك المصلحة هدفاً ومبرّراً- لا يزال قائماً.