الذات، فإنّ القيم بسبب التربية الدينية تصبح محبوبةً للإنسان، ويكون تحقيق المحبوب بنفسه معبِّراً عن لذّةٍ شخصيةٍ خاصّة، فتفرض طبيعة حبّ الذات بذاتها السعي لأجل القيم الخلقية المحبوبة تحقيقاً للّذّة الخاصّة بذلك.
فهذان هما الطريقان اللذان ينتج عنهما ربط المسألة الخلقية بالمسألة الفردية، ويتلخّص أحدهما في إعطاء التفسير الواقعي لحياةٍ أبديةٍ لا لأجل أن يزهد الإنسان في هذه الحياة، ولا لأجل أن يخنع للظلم ويقرّ على غير العدل، بل لأجل ضبط الإنسان بالمقياس الخلقي الصحيح الذي يمدّه ذلك التفسير بالضمان الكافي.
ويتلخّص الآخر في التربية الخلقية التي ينشأ عنها في نفس الإنسان مختلف المشاعر والعواطف التي تضمن إجراء المقياس الخلقي بوحيٍ من الذات.
فالفهم المعنوي للحياة والتربية الخلقية للنفس في رسالة الإسلام هما السببان المجتمعان على معالجة السبب الأعمق للمأساة الإنسانية.
ولنعبِّر دائماً عن فهم الحياة على أ نّها تمهيد لحياةٍ أبدية: بالفهم المعنوي للحياة، ولنعبّر أيضاً عن المشاعر والأحاسيس التي تغذّيها التربية الخلقية:
بالإحساس الخلقي بالحياة.
فالفهم المعنوي للحياة والإحساس الخلقي بها هما الركيزتان اللتان يقوم على أساسهما المقياس الخلقي الجديد الذي يضعه الإسلام للإنسانية، وهو: رضا اللَّه تعالى. ورضا اللَّه- هذا الذي يقيمه الإسلام مقياساً عاماً في الحياة- هو الذي يقود السفينة البشرية الى ساحل الحقّ والخير والعدالة.
فالميزة الأساسية للنظام الإسلامي تتمثّل في ما يرتكز عليه من فهمٍ معنويٍّ للحياة وإحساسٍ خلقيٍّ بها، والخطّ العريض في هذا النظام هو: اعتبار الفرد والمجتمع معاً، وتأمين الحياة الفردية والاجتماعية بشكلٍ متوازن. فليس الفرد